ردّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على المواقف الأخيرة لأمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، معتبراً أن إعلان نصرالله عن أنه يتكلم باسم ما يسمى “محور المقاومة”، الذي يقول إنه “أسقط مؤامرات مؤخرا بالدول العربية، بالأخص في سوريا”، ووضعه الخطط لمواجهة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ما خص الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، خرق للسيادة اللبنانية، مؤكداً أن “المؤسسات الدستورية هي “محور المقاومة” بالنسبة لنا، وليس هناك شيء آخر اسمه “محور مقاومة”، وهذه المؤسسات أعطاها الشعب اللبناني حصرية ممارسة السيادة على الأرض اللبنانية”.
جعجع، وفي حديث لـ”الشرق الأوسط”، خالف رأي نصر الله في ما يتعلق بمواجهة المؤامرات بالدول العربية، وفي سوريا تحديداً، “فـ”محور المقاومة” هو الذي قام بأكبر مؤامرة من خلال مساندة نظام الأسد وإبقائه منذ 7 سنين حتى الآن”، لافتاً إلى أنه “يقول ذلك بما يتعلق بنظام بشار الأسد، لأنه في أول سبعة أشهر كانت ثورة شعبية، وكل الدول والدراسات كانت تقول إنه خلال أسابيع قليلة يسقط نظام الأسد، إلا أن ما يسميه نصر الله “محور المقاومة” هو الذي أبقى نظام بشار الأسد على التنفس الاصطناعي، أي أنها مهما بقي فلن يستمر”.
وتابع رئيس “القوّات”: “إن نقطة البحث الرئيسة أن نصر الله يتكلم باسم “محور المقاومة” في كل المنطقة، ويدعوهم لوضع الخطط اللازمة لمواجهة قرار ترامب بالنسبة للقدس. من هنا أريد تذكير نصرالله بأن الأراضي اللبنانية عليها سيادة، والسيادة هي للدولة اللبنانية فقط لا غير، ونحن غير معنيين بأي خطط ومواجهات إلا التي تضعها الدولة اللبنانية”، موضحاً أن “رئيس جمهوريّة لبنان ليس اسمه “محور مقاومة” بل ميشال عون، ولدينا حكومة رئيسها سعد الحريري ومجلس نواب رئيسه نبيه بري. هذه المؤسسات الدستورية هي “محور المقاومة” بالنسبة لنا، وليس هناك شيء آخر اسمه “محور مقاومة”، فهذه المؤسسات أعطاها الشعب اللبناني حصرية ممارسة السيادة على الأراضي اللبنانية”. وأضاف: “من هذا المنطلق فعلى الأراضي اللبنانية، لا مقاتلين أفغاناً ولا عراقيين أو من أي جنسية أخرى. ومن جهة أخرى، لا تصرفات أو تحركات عسكرية أو أمنية إلا ما تأمر به المؤسسات الدستورية في لبنان، حيث يجب ألا ننسى أن هناك جيشاً لبنانياً، وهو الذي في بعض المناسبات حيث أتيح له، أثبت أن لديه قدرة كبيرة وفعالية عالية. وبالتالي هو يقرر كيف وأين ولماذا؟ الحكومة اللبنانية تضع الخطة والتصور الكبير”، مشدداً على أنه “إذا كان هناك أي تصور أو خطة لمواجهة قرار ترامب أو غيره، فالجيش اللبناني هو الذي ينفذ، وغير ذلك يكون غير شرعي وغير قانوني وغير قابل للحياة”.
ورداً على سؤال عن إمكان تطبيق سياسة “النأي بالنفس” بشكل فعلي، قال جعجع: “إذا بقي رئيس الحكومة يعالج الأمور كما يعالجها الآن، وطبعاً نحن نسانده في هذا الأمر، برأيي إن هناك فرقاء في الحكومة – ولو لم يتكلموا – إلا أنهم مساندون له. أقول نعم، هناك إمكانية لتطبيق “النأي بالنفس” لأن الجميع يعلم أنهم إذا ضغطوا على الرئيس الحريري مجدداً فسوف يقوم بما قام به المرة السابقة، أي يستقيل ولن تكون بالبساطة التي كانت بها في المرة السابقة، لأنه لا يستطيع تحمل سياسات عوجاء تصدر من لبنان، وبالأخص من بعد كل التفاوض العربي والدولي الذي حصل بشأن هذا الموضوع، وتعهده شخصياً بتطبيق سياسة “النأي بالنفس” فلا يستطيع أن يتحمل أن يقفز أي أحد فوقها، لذلك أرى أن هناك احتمالا جديا بتطبيق سياسة الناي بالنفس ونأمل في أن نسهر جميعا على تطبيقها”.
أما في ما يتعلق بسلاح “حزب الله”، فقد أيّد جعجع “عدم ربط سلاح “حزب الله” بمحاور كبيرة”، مشدداً على أن “هذا الأمر يجب أن يكون لبنانياً بحتاً بخلاف ما يعتقد كثيرون”. وأضاف: “هذا ملف على المستوى السياسي فقط لا غير، لأنه في لبنان لا أحد يمكنه أن يرفع السلاح بوجه الآخر ولا أحد يستطيع تهديد أحد بالسلاح. بالتالي إذا كانت هناك أكثرية في السلطة السياسية، والتي هي الآن غير متوفرة للأسف، تقول لـ”حزب الله”، كفى لم نعد نتحمل تبعات هذا الأمر، كما فعل الرئيس الحريري بشأن “النأي بالنفس”، برأيي أنه نعم نستطيع أن نجد الحلول، وأول خطوة يجب أن نقوم بها كسلطة سياسية اتخاذ القرار بأن هذا السلاح يكون بيد الحكومة اللبنانية، خصوصا أن “حزب الله” والكثير من الفرقاء ممثلون داخل الحكومة، وبعدها نتوصل إلى خطة وضع هذا السلاح بيد الجيش اللبناني”.
وتوقف جعجع في سياق متصل عند الوضع في العراق، مشيراً إلى أنه “مع إعلان انتهاء الحرب ضد “داعش” قبل يومين، دعا السيد مقتدى الصدر في اليوم التالي إلى حلّ “سرايا السلام” التي تخصه، وتسليم السلاح إلى الدولة والعودة للحياة السياسية مؤكداً أن فمنطق الدولة يجب أن يسود “، ومؤكداً أن “هذا هو المنطق”.
وتابع جعجع: “في لبنان الطبقة السياسية بالأخص، عليها أن تعرف أن منطق الدولة يجب أن يسود، ولا تضع تبريرات بأن هذا السلاح مرتبط بحل أمور مرتبطة بقضايا الشرق الأوسط، فقضية الشرق الأوسط ممكن أن تأخذ مائتي سنة لتتم تسويتها، فهل نبقى نحن طوال الوقت على ما نحن عليه؟ بالتأكيد لا”، مشدداً على أنه “إذا تركت السلطات الرسمية اللبنانية، من رئاسة الجمهورية وحكومة إلى مجلس نواب، الأمور على عواهلها، فطبعاً أتخوف من أن يزج لبنان في صراعات المنطقة، أما إذا أخذوا الأمر بيدهم على المستوى السياسي، ورفضوا أي خرق لمبدأ “النأي بالنفس” كما يحاول رئيس الحكومة جاهداً، فهذا ممكن أن يجنب لبنان أي زج بصراعات المنطقة”.
ورداً على سؤال عما إذا كانت “القوّات اللبنانيّة” تشعر بالعزلة في هذه المرحلة وكيف يمكن مواجهتها، قال جعجع: “بصراحة معظم الفرقاء اللبنانيين معزولون في لبنان عن بعضهم، باستثناء قوى “8 آذار”، لا أحب أن أقول عزلة، لأن التواصل السياسي مستمر مع جميع الفرقاء”، مشبهاً “موقف “القوات” الآن بغض النظر عن الأحجام والزمان والمكان، بموقف بريطانيا في أول سنتين من الحرب العالمية الثانية، حيث كانت بريطانيا وحدها، وواجهت وحدها، وفي نهاية المطاف، ذهب كثيرون في المنحى نفسه أو الاتجاه وانتهت الحرب”.
أما في ما يتعلق بالعلاقة مع “تيار المستقبل” وكلام الرئيس الحريري الأخير عن أن أطرافاً سياسية طعنته بالظهر، فقد أكّد جعجع أن “القوّات” لا تعتبر نفسها معنيّة بهذا الكلام، لافتاً إلى أننا “لا يوجد مسلة تحت إبطنا ولا أي شيء آخر”. وأضاف: “لا أخفي أن العلاقة باردة في الوقت الحاضر لأنه خلال فترة وجود الحريري في الرياض، كانت هناك مقاربات مختلفة بيننا وبين مسؤولي “تيار المستقبل” في بيروت، لكن خطوط التواصل عادت، وهناك تواصل بشأن كل المجالات”، مفضلاً ترك الكلام عن نقاط التباين “للحوار الحاصل وراء الكواليس تمهيداً لإعادة العلاقة إلى ما كانت عليه، لأن الوضع الطبيعي للعلاقة هو كما كانت عليه وليس كما هي عليه الآن”.
ورداً على سؤال عن العلاقة مع “التيار الوطني الحر”، قال جعجع: “إن خطوط التواصل مستمرة رغم التباين بالمواقف في ما يتعلق بالأزمة الأخيرة، وبوجه خاص بشأن العمل الوزاري حيث هناك تباين كبير مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بشأن العمل داخل الحكومة”.
من جهة أخرى، أكّد جعجع أن “القوّات” من المبكر الكلام عن كيفيّة خوض الإنتخابات النيابيّة المقبلة وعن التحالفات على الرغم من أنها في ظل القانون الجديد ليست بالأهمية نفسها التي كانت عليها وفق “قانون الستين”، مشيراً إلى أنه “لو اضطررنا فسنخوضها وحدنا تحت عنوانين رئيسيين، أولهما العنوان السيادي وقيام دولة فعلية، لأنه حتى اللحظة لا أعتبر أن هناك دولة فعلية في لبنان. طالما أنه ليست كل القرارات الاستراتيجية داخل الدولة، فهي ليست دولة فعلية. أما في ما خص العنوان الثاني، فلبنان تصنيفه على لائحة الفساد من قبل المنظمات العالمية التي تعنى بشؤون الفساد، أصبح تقريباً في المراتب المتدنية، وتحديداً من بين آخر 20 دولة على سلم الفساد، وهذا أمر غير مقبول أبداً ويأكل من صحن المواطن اللبناني ومن صورة لبنان وهيبته واقتصاده، بالوقت الذي تناهز الديون على لبنان الـ90 مليار دولار. هذا العنوان من أول وجودنا بالحكومة نعمل على أساسه وسنكمل على أساسه وسنخوض الانتخابات النيابية على هذا الأساس، لأننا إن لم نحله في وقت قريب فهو كاف لتدمير الدولة اللبنانية”.