أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “7 آب” كانت فعل نظام أمني سوري – لبناني مشترك. صحيح أنه زال إلا أن الجميع يدرك أن لا شيء يزول بشكل كامل وإنما دائما ما تبقى بعض الرواسب هنا وهناك، ونحن في الوقت الراهن نرى أن بعض رواسب هذا النظام لا تزال مستمرّة إلا أننا كما قضينا عليه بشكل كلي فنحن لن ندع هذه الرواسب تظهر من جديد لتأخذ مداها وإنما سنكمل المسيرة والعمل من أجل اجتثاثها بشكل كلي من النظام اللبناني فإما أن يعيش لبنان في كنف الحريّة او لا حياة له أبدا”ً.
كلام جعجع أتى خلال لقاء أقامته مصلحة طلاب “القوّات اللبنانيّة” لخريجيها في المقر العام للحزب في معراب تحت عنوان “قمة الإلتزام”، في حضور الأمينة العامة للحزب د. شانتال سركيس، الأمين المساعد لشؤون المصالح د. غسان يارد، الأمين المساعد لشؤون الإدارة جورج نصر، رئيس مصلحة الطلاب شربل خوري وحشد من الطلاب.
ولفت جعجع إلى أن “بعض الظواهر التي تذكرّنا برواسب النظام الأمني السوري – اللبناني هي الإستدعاءات التي تتم على خلفيّة تعليقات يقوم البعض بنشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي”. واوضح أن بعض تلك التعليقات تستوجب الإستدعاء لأننا نعيش في بلد يحكمه القانون ويجب ألا يتم تخطيه كي لا تعم الفوضى إلا أن هناك تعليقات تأتي في سياق حريّة التعبير عن الرأي، وانا أعتقد أنني كمواطن لبناني لدي كامل الحق في أن أنشر بشكل موضوعي عبر صفحتي على “Facebook” معطيات أو معلومات قرأتها أو أعرفها عن أمر ما وهذا الأمر يجب ألا يؤدي إلى إستدعائي للتحقيق”.
واستطرد جعجع: “بالرغم من كل الفساد المستشري في إدارات الدولة كافة، وقضايا الفساد التي تملأ صفحات الصحف بشكل يومي، وهي الموضوع الأساس الذي يتم التداول فيه والحديث عنه في الصالونات، وبالرغم من أن هذه الأخبار المتداولة هي بأكثريتها الساحقة صحيحة إلا ان بعض الدوائر القضائيّة في لبنان تستدعي حصراً بعض المسؤولين والموظفين التابعين للوزارات المشهود لها في حسن سيرتها واستقامتها من قبل الناس، لذلك فـ”7 آب” التي أصبحت ذكرى يجب أن تبقى دائماً في الذاكرة كي لا تتكرّر كما يجب أن نعمل من أجل القضاء بشكل كامل على رواسب النظام الأمني السوري – اللبناني الذي اندحر”.
وكان قد استهل رئيس “القوّات” كلمته بالقول: “نحن ننهمك بانشغالاتنا اليوميّة، كتشكيل الحكومة والإنتخابات النيابيّة وغيرها، وهذا الأمر يحول من دون أن نعيش قضيّتنا بشكل دائم في الوعي بسبب ضيق الوقت إلا أنها تعيش دائما معنا في اللاوعي، لذلك من المهم جداً أن يعود الإنسان من حين إلى آخر ليرى هذه القضيّة تترجم أمامه إلى كلمات وبالطبع هذه الكلمات ليست كباقي الكلمات”.
وتطرّق جعجع إلى تجربته الشخصيّة واستعاد في حديثه فترة البدايات عندما كان طالباً للطب في الجامعة الأميركيّة واستفاض في شرح كيفية مقاربة الصالح العام والمصلحة الشخصيّة وكيف أن النظرة السائدة في البلد التي تدفع الطلاب للإهتمام بالثانية بغض النظر عن الأولى هي خاطئة في ظل أن المصلحة الشخصيّة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الصالح العام الذي هو صمام الأمان والضامن الوحيد لإستمرار واستقرار هذه المصلحة، وقال: “إن منطقة الشرق الأوسط لا تزال سياسياً قيد التكوين حيث أن الأوطان فيها ليست ثابتة بشكل نهائي بحكم أن الدول في هذه الأوطان لم تقم بشكل نهائي بعد. إن البعض يظن أننا لو كنا اليوم نعيش في بلد من بلدان أوروبا لما كنا نستفيض بالكلام عن هذه الأمور إلا ان مسألة “الإلتزام” لها وجه آخر في مقاربتي يكمن في قرار كل فرد في أن يعيش على هامش التاريخ أو في صلبه حيث على كل فرد أن يتخذ القرار إما في المضي سيراً على طريق هذه البشريّة جمعاء أو أن يتسكع على قارعته، لذلك أنا أعتقد أن كل فرد منكم يجب أن يعمل ليكون دائماً في صلب أحداث التاريخ ويساهم على قدر موقعه في تحديد مسار الأمور في مجتمعه وما تقومون به من عمل يجب أن يكون مماثلاً لما يقوم به الساسة الفعليون وليس بائعي الخدمات، فمن يعمل في السياسة بشكل حقيقي، وبكل ما لهذه الكلمة من معنى، يحددون مسار الأمور في مجتمع معيّن وهم يعيشون في صلب التاريخ”.
وكان قد استهل الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب “القوّات اللبنانيّة”، فكلمة لعريفة الحفل الصحافيّة ستريدا بعينو، قالت فيها: “أن نتخرّج طلّابا في “القوات اللبنانية” فهذا لا يعني أننا نخرج منها إلى مكان آخر بل يعني أننا ننتقل من مرحلة نضاليّة إلى مرحلة نضاليّة أخرى لأنّ القوات اللبنانية مدرسة لا تتوقّف مدرسة حياة ونضال وتضحيات نكلّلها بقمّة الإلتزام. وهل من قمّة التزام أكثر من الدّم الذي بذله شهداؤنا، شهداء مصلحة الطلاب من رمزي عيراني إلى طوني ضو وبيار بولس وكل شهداء القوات اللبنانية، كي نبقى ونستمر؟ وهل من قمّة التزام أكثر من الجروح التي تزيّن أجساد شهدائنا الأحياء؟ وهل من قمة التزام أكثر من اعتقال تحت الأرض لأكثر من أحد عشر عاما؟ ظلما وتعسّفا بحقّ حكيم قائد رفض الذلّ وفضّل ظلم وظلام النظارة؟ وهل من قمّة التزام أكثر من طلّاب شبانا وشابّات تصدّوا في السابع من آب لآلة القمع وهراوات الأجهزة والتوقيف والتنكيل بأياديهم وصدورهم عزّلا إلّا من سلاح الإيمان والإرادة؟”.
وتابعت: “أجل نحن اليوم طلاب قمّة الإلتزام سبقتنا قوافل على دروب النضال لنكون دائما الصورة المشعّة والجميلة والنبيلة للقوات اللبنانية حيث ما حللنا في أعمالنا ومهمّاتنا في العائلة وفي المجتمع وللمناسبة إسمحوا لي أن أتوقّف عند غياب رفيقنا مكاريوس سلامة منذ بضعة أيام وهو الذي كان مثل قمة الإلتزام بالقضيّة وبالقوات اللبنانية حتى الرّمق الأخير. أيّها الطالبات، أيّها الطلّاب، أنتم من طينة الأوفياء وقد تشرّبتم الإلتزام على مقاعد الدراسة وفي الساحات والطرقات عند اللزوم فلكم التهنئة في تخرّجكم في معراب قلعة المقاومة وقمّة الإلتزام بالجمهورية القوية وبالحريّة وبالشفافيّة. هكذا كنتم وهكذا أنتم وهكذا تريدكم القضية والقوات التزام دائم لا يتزعزع وحضور لا يغيب ومشاركة فاعلة عند كل استحقاق لأنّكم أبناء الغد وحجر الزاوية في بناء الأجيال الآتية، فأنتم قوات الغد وحرّاس الغد الذين لن يناموا ويجب ألا تغمض لكم عين كي تكونوا دائما على الوعد ثابتين وعلى العهد باقين”.
وعقب كلمة الإفتتاح تم عرض فيلم وثائقي قصير عن حوادث “7 آب”، فكلمة لرئيس مصلحة الطلاب قال فيها: “حرية، سيادة، استقلال… من الممكن أن تكون هذه الكلمات شاعريّة بالنسبة للبعض وترددها مجموعة من المتهورين عن أي مشهديّة وطنيّة، كما يمكن للبعض الآخر أن تكون بمثابة شعار فارغ من المضمون طالما أنهم يأكلون ويشربون وينامون بسلام. إلا أن هذه الكلامات بالحقيقة هي عنوان لحكاية أبطال واجهوا نظاماً أمنياً مريضاً اعتبر أنه من الممكن لنا أن نكون أحراراً، أسياداً ومستقلين بشروطه فإنما أن نكون مرضى مثله أو ان نشتري حياتنا منه أو أن نرحل. فهذا النظام الأمني المريض ظن أن الاسد هو ملك الغابة واعتبر أنه بالقتل والقمع والإضطهاد يمكنه كسر إرادة شعب صمم أن يواجه ويعيش حراً آبياً أن يركع سوى لـ”ملك المجد”. هؤلاء هم أبطال “القوّات اللبنانيّة”… أبطال مقاومون حملوا لقب شهيد أو مصاب أو أسير… أبطال حريّة رأوا من زنزانة سمير جعجع حريّة الإنسان… أبطال صمود استلهموا من صمود “الحكيم” كيفيّة المواجهة… أبطال مناضلون في قمة الإلتزام والعطاء واجهوا بإيمانهم وفكرهم الإحتلال وكانت “مصلحة الطلاب” في طليعة هؤلاء المناضلين فتحيّة لأبطال “المصلحة” رمزي عيراني، بيار بولس وطوني ضو”.
وتابع خوري: “إن شعار مصلحة الطلاب هو “القوّة، الإيمان وقمّة الإلتزام”. قوّة العقل والقدرة على المواجهة، الإيمان بقضيتنا والإلتزام بمسيرتنا، وهذا هو قلب “القوّات اللبنانيّة” ونبضها. هذا ليس بغريب عنكم وأنتم أولاد هذه القضيّة والتزامكم يجب أن يكون شبيهاً بإلتزام أجدادنا وأهلنا ورفاقنا الذين لم يسعوا وراء منصب كما لم يفكروا يوماً بمن سيكون من بينهم في الطليعة وإنما عملوا ليل نهار بقلب واحد لهدف واحد ولقضيّة إنسان واحد”.
ولفت خوري إلى أنه “ليس صدفة أن نأخذ في مصلحة الطلاب شعار “قمّة الإلتزام” في لقائنا اليوم فهناك أجيال سبقتنا وضحت بكل شيء بالغالي والرخيص كين نكون اليوم هنا نعيش الحريّة كاملة، لذلك، واجبنا المحافظة على شهادتهم وتضحياتهم فالعطاء لقضيّة مماثلة لقضيتنا هو ربح للإنسان والوطن. أنتم اليوم في صدد الإنتقال من مرحلة جامعيّة إلى مرحلة جديدة فيها الكثير من ضغوطات الحياة الصعبة ومنكم من يفكّر بالهجرة والآخرون بالاستقرار هنا خصوصاً وأنه في ظل الظروف التي نمر بها اليوم هناك ضرورة لإلتزام الفرد بعائلته ومستقبله وعمله من أجل تأمين متطلبات الحياة وهذا ليس بالأمر السهل وبالتالي يجب ألا نسمح لهذه المرحلة الصعبة أن تسلخنا عن قضيتنا لأن الإنسان يخسر ذاته إن خسر قضيته وعندها يخسر كل شيء”.
وختم خوري: “حذار من بيع القضيّة أو نسيانها وتذكروا دائماً أن “القوّات اللبنانيّة” هي كل شخص بيننا اليوم وعملنا الحزبي لا نهاية له وإنما مستمر بشكل دائم فحزبنا بحاجة لكل فرد منكم بمختلف المناطق والمصالح والأجهزة والحزب في انتظاركم لمتابعة التزامكم ومسيرتكم السياسيّة وهو في انتظاركم أيضاً لتؤكدوا أن “مصلحة الطلاب” تضمن شابات وشباب إلتزامهم هو هويتهم ويؤمنون بالقضيّة وبـ”القوّات” وبلبنان وأنا كلي ثقة أنكم كما كنتم متميزين في خلايا جامعاتكم سيتكونون كذلك في مناطقكم وقراكم. كنا وسنبقى “قوّات” وستبقون كما دائماً حراساً لهذه القضيّة”.
ومن ثم كانت كلمة للخريجين القتها ليا ماريا غانم وقالت فيها: “نحن نجتمع اليوم بعد مرور كل سنوات التعب والكد والعمل في مصحلة طلاب “القوّات اللبنانيّة” لنثبت أمام الجميع أننا هنا. شابات وشباب من مختلف الجامعات اللبنانيّة نحمل شعلة موحدة وبقلب واحد وقضيّة واحدة ركنها الأساس هو الإلتزام… نحن لا نخفيك سراً “حكيم” عن الضغوطات التي تعرضنا لها في قرانا وجامعاتنا لمجرّد انتمائنا لـ”القوّات اللبنانية” إلا أننا في كل مرّة كنا نصمد أكثر فأكثر وهذه الشجرة التي كان عودها طري بدأت تتصلب أكثر فأكثر وتكبر وتتمدد وحصدت شهادات كثيرة لا تشبه سوى تاريخنا القوّاتي الذي نعتز ونتغنى به. والأهم أن التزامنا هذا لم يذهب سداً لا بل بالعكس إلتزامنا كان سلاحنا في وجه كل السموم التي كانوا يحاولون زرعها في كرومنا إلا أنه في نهاية المطاف “ما صحّ إلا الصحيح” وتحوّلت هذه السموم إلى “طعم” ودفعتنا لنشرب نخب 15 نائب في البرلمان اللبناني”.
وختمت: “من هنا من قلب قلب معراب، باسمي وباسم كل رفيقة ورفيق غائب أو حاضر اقول: “نحن الموقعون أعلاه وأدناه نعاهدكم أننا سنصون القضيّة بكل شجاعة وسنكمل هذه المسيرة ليزهر التزامنا انتصاراً ما بعده انتصار”.
وفي الختام وزّع جعجع دروعاً تكريميّة على الخريجين.