أعلن رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع عدم مشاركة الحزب في لقاء بعبدا، قائلاً: “لا يطلبنّ منا أحد المشاركة في اجتماع الهدف منه إما ذر الرماد في العيون أو محاولة تحميل الآخرين مسؤوليّة فشل هذه السلطة باعتبار أن ما من خلاف اليوم بين أي من مكونات الشعب اللبناني وإنما أكثرية الشعب اللبناني على خلاف مع هذه السلطة انطلاقا من الوضع المذري الذي أوصلتنا إليه، ودعا المجموعة الحاكمة إلى الرحيل بجميع مكوناتها وأقطابها.
كلام جعجع جاء في تصريح له عقب انتهاء اجتماع تكتل “الجمهوريّة القويّة” الذي عقد برئاسته في المقر العام لحزب “القوّات اللبنانيّة” في معراب، وبحضور: نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني، نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان، النواب: ستريدا جعجع، بيار بو عاصي، جورج عقيص، عماد واكيم، وهبي قاطيشا، فادي سعد، أنطوان حبشي، سيزار المعلوف، شوقي الدكاش، جوزيف اسحق، ماجد إدي ابي اللمع، زياد حواط، أنيس نصار، وجان طالوزيان، الوزراء السابقون: مي الشدياق، كميل أبو سليمان، ريشار قيوموجيان، ملحم الرياشي، طوني كرم وجو سركيس، أمين سر التكتل النائب السابق فادي كرم، النواب السابقون: إيلي كيروز، أنطوان زهرا، جوزيف معلوف، أنطوان أبو خاطر وشانت جنجنيان رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبور، عضوا الهيئة التنفيذيّة إيلي براغيد ورجا الراسي ومستشار رئيس الحزب سعيد مالك.
وكان قد استهل جعجع كلمته باستنكار “الإجراء القضائي الذي اتخذ بحق السيد علي الأمين”، مؤكداً أنه “لا يجوز للحريات العامة في لبنان أن تصل إلى هذا الحد لذا أطلب من مجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي سهيل عبود إحالة هذه القضيّة وغيرها من القضايا على التفتيش القضائي باعتبار أنه لا يجوز التلاعب بالقضاء أكثر مما تم التلاعب به في هذه الأيام”.
وفنّد جعجع أسباب عدم مشاركة “القوّات” في لقاء بعبدا، قائلاً: “لقد وصلت الأوضاع في البلاد إلى حد أصبحت فيه المسايرة أو حتى الوقوف على الشكليات جريمة فالأوضاع التي نمر بها الآن لم نشهد كلبنانيين مثيلاً لها منذ أيام الحرب العالميّة الأولى”.
وتابع جعجع: “نحن جمهوريون بامتياز والمؤسسات الدستوريّة بالنسبة لنا هي عصب وجود المجتمع ومن دونها لا دولة وبالتالي لا اجتماع ولا حضارة ولا ثقافة ولا معيشة ولا اقتصاد ولا سواها، من هذا المنطلق يرى الجميع مدى إعطائنا أهميّة كبيرة للعمل في مجلس النواب أو في مجلس الوزراء عندما نكون مشاركين فيه أو بالمشاركة مع رئاسة الجمهوريّة في الأمور التي تطلب منا، فعلى سبيل المثال في 6 أيار عندما دعا فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون إلى اجتماع في قصر بعبدا بناءً على جدول أعمال واضح وهو أنه كان للحكومة خطّة اقتصادية وكانوا يودّون الأخذ بملاحظات رؤساء الأحزاب والكتل النيابيّة عليها، حضرنا يومها الاجتماع بالرغم من أن الكثير من أصدقائنا وحلفائنا قاطعوه وحضرنا وبيدنا ورقتي عمل الأولى عن الإصلاحات الضروريّة التي نرى أنه من الواجب إقرارها قبل البدء بتنفيذ أي خطّة اقتصادية والثانيّة تضمنت ملاحظاتنا الأوليّة على الخطّة الاقتصادية المطروحة من قبل الحكومة إلا أن هاتين الورقتين وكل باقي الأوراق التي عملنا على إعدادها ذهبت سدى وكأنه لم يسمع أي أحد شيء مما قلناه حتى ممن كانوا داخل الاجتماع واقتصر الأمر على أننا جلسنا في القصر لمدّة ساعتين وانتهى بنا الأمر بالبيان الذي سمعناه، ومن حينه حتى يومنا هذا تستمر الأمور بالإنحدار من سيء إلى أسوأ بوتيرة ليست يوميّة وإنما بين الساعة والأخرى”.
واستطرد جعجع: “منذ ثلاثة أو أربعة أيام تلقينا دعوة جديدة لاجتماع في قصر بعبدا وقد أحببت أن آتي بالدعوة معي لأقرأ لكم حرفياً ما ورد فيها “في إطار متابعة الأوضاع السياسيّة العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة” والتعبير هنا عام جداً، “بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي”، صراحةً توقفنا جميعاً لمعرفة سبب انعقاد هذا الاجتماع وبصراحة تامّة يمكنني أن أقول إنه لم يتمكّن أي أحد منّا التقدير تحديداً ما هو سبب انعقاده، فالوضع في البلاد في مكان والمسؤولون على أرفع المسؤوليات في مكان آخر مختلف تماماً لا علاقة له بما نعيشه. نحن نعيش مع الناس والبعض منهم وصل به الدرك إلى حد أن ينحصر كامل اهتمامه بلقمة العيش لا أكثر ولا أقل والبعض لا يتمكن من تأمينها فهل هذا هو لبنان الذي نتغنى به على أنه “سويسرا الشرق” و”منارة الشرق”؟ انظروا إلى لبنان الحالي ماذا تبقى من هذا اللبنان الذي كنا جميعاً نعرفه؟ فذاك اللبنان ليس حلماً وإنما واقعاً كنا نعيشه وكان من المفترض أن يتطوّر ليصل إلى حلم أكبر، أين أصبحنا اليوم؟ المدارس الخاصة بحالة كارثيّة كما المؤسسات الخاصة والعائلات وعلى الصعد كافة نرى أن الأوضاع الاقتصادية، المعيشيّة، الماليّة والاجتماعية بالويل وإذ تأتينا الدعوة لحضور اجتماع للتباحث بالاستقرار والسلم الأهلي في حين أن المشكلة اليوم في لبنان لا علاقة لها بهذا الأمر وإذا ما كان هناك من يهدد الاستقرار والسلم الأهلي فهي المجموعة الحاكمة وسأتطرق لهذا الأمر لاحقاً”.
ولفت جعجع إلى انني “لم أفهم ما يقصدون وما هي المواضيع المتعلّقة بالاستقرار والسلم الأهلي التي سيتم نقاشها، فإذا ما كانوا يقصدون الإشكالات التي شهدناها فهم من افتعلوها، ولكي نرى من يمس فعلاً بالسلم الأهلي علينا معرفة، من قام منذ قرابة عام بتذكير اللبنانيين من حيث لا ندري بأحداث 1860 التي وقعت منذ 160 عاماً؟ فهل من قام بذلك هو “تيار المستقبل” أو “القوّات اللبنانيّة” أو “الحزب التقدمي الاشتراكي” ولهذا السبب قاموا بدعوتنا إلى الاجتماع؟ من ذهب إلى طرابلس وحاول أن يعيد تقليب اهل المدينة، عن خطأ وضد كل واقع وحقيقة، على فئة من المسيحيين؟ أهو “الحزب التقدمي الاشتراكي” أم فريق العهد مباشرةً. من حاول منذ أسبوعين الدخول إلى منطقة عين الرمانة بجحافل من الدراجات الناريّة وبشكل غير مقبول الأمر الذي كاد أن يتسبب لنا بمشكلة كبيرة جداً لولا تدخل الجيش فوراً لاحتواء الموضوع؟ من قام بذلك؟ الجواب هو حلفاء العهد مباشرةً. من كان يقوم بأعمال تخريبيّة في وسط مدينة بيروت منذ 10 أيام ولمدّة 4 أو 5 ساعات وعلى مرأى من كل الكاميرات ووسائل الإعلام؟ الجواب هو حلفاء العهد مباشرةً. فلماذا تقومون بدعوتنا للنقاش في هذه المسألة؟”.
وتابع جعجع: “أريد التوقف عند نقطة أساسيّة جداً وأتمنى على كل مواطن لبناني أن يحفظها لأنها تشكل “بيت القصيد” في الوقت الراهن وهي أننا اليوم وللمرّة الأولى في لبنان تكون السلطة في مكان واحد وتمسك بها مجموعة واحدة لديها رئيس الجمهوريّة وأكثريّة نيابيّة وحكومة بأكملها وليس فقط أكثريّة وزاريّة، لذا نقول لفخامة الرئيس إن حدث أي إشكالات أمنيّة قوموا باتخاذ القرار المناسب، فهل تريدون من سعد الحريري ووليد جنبلاط والرئيس ميشال سليمان وأنا أن نتداول بما يجب القيام به؟ نحن اليوم خارج السلطة وهي بيدكم ونحن من نقوم بمناشدتكم التدخل إن كان خلال أحداث عين الرمانة أو الأشرفيّة أو وسط بيروت أو طرابلس إلخ… عندما يكون هناك من إخلال في الأمن من الطبيعي أن تقوموا بالتدخل فوراً والمرجعيات كافة طالبت الدولة عندما حصل التخريب في وسط بيروت التدخل إلا أن السؤال هو لماذا لم تقوموا بذلك؟ ولماذا لم تصدروا الأوامر؟ لماذا تأخرتم إلى أن تم إحراق نصف المدينة لاتخاذ القرار من بعد ذلك. ونحن ندعوا بشكل يومي السلطة للتدخل”.
وأشار جعجع إلى أن “بيت القصيد” في هذه المسألة وهذه الدعوة سببها بنظري الشخصي هو أنها ما بين ذر الرماد في العيون وصولاً إلى محاولة تحميل الآخرين مسؤوليّة فشل هذه السلطة، وفي كلتا الحالتين فمن الطبيعي ألا نشارك”.
وتطرّق جعجع إلى المحاولة التي حاول القيام بها غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقال: “عندما علم بالدعوة للاجتماع كانت ردّة فعله الأولية على ما أعتقد مشابهة لردّة فعلنا “مش مفهوم راسو من كعبو لهل اجتماع”، وحاول غبطته انقاذ الموقف وتقدم باقتراح لتأجيل الاجتماع لمدّة زمنيّة قصيرة يتم خلالها إعداد جدول أعمال له وقام بتسمية هذه البنود مقترحاً أن تكون أول نقطة هي “صيانة مرجعيّة الدولة الشرعيّة بمؤسساتها كافة وخصوصاً الأمنية والعسكريّة”، لذا غبطة البطريرك ايديولوجيّة المجموعة الحاكمة في الوقت الحاضر بعكس ما أنتم تقترحون فبالنسبة لهم سلاح “حزب الله” أو ما يسمونه هم “المقاومة” يأتي في الدرجة الأولى وإذا ما تبقى أي شيء فيبحثون عندها كيف يعطون هذه الفضلات للدولة ولكنهم أبداً لا يؤمنون بمرجعيّة الدولة وبالتالي غبطتكم تعلمون أن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه وأنتم تطلبون من المجموعة الحاكمة ما هم أصلاً غير مؤمنين به”.
وتابع جعجع: “كما اقترح غبطته أن يكون البند الثاني على جدول الأعمال هو “الإقرار الفعلي لسلطة الدولة دون سواها على كامل الأراضي اللبنانيّة”، المجموعة الحاكمة لن تقرّ بذلك ومن غير الممكن أن تقرّ بذلك ونحمد الله على أن السيد حسن نصرالله يطل علينا يومياً بكلمات واضحة المعالم جداً وتأتي تماماً بعكس ما يقترحه غبطته، فبالنسبة لهم السلطة الأساسيّة هي لـ”المقاومة” وما يتبقى من أعمال بلديّة فيتركونها للدولة. اما بالنسبة لاقتراح بند “الإلتزام بقرارات الشرعيّة الدوليّة” فنفس الشيء وبالتالي غبطتكم انتم تحاولون إنقاذ الموقف في المكان الذي لا يمكن إنقاذه لأنه في المبدأ المجموعة الحاكمة في مكان آخر. أما بالنسبة للبند الذي وضعه غبطة البطريرك عن مكافحة الفساد والذي هو مطلبنا جميعاً، فكيف يمكنهم مكافحة الفساد وهم أفسد الفاسدون فهل من الممكن ان نطلب من شخص ما إصلاح ما قد خرّبه هو؟ كما أن غبطته وضع بند “حماية استقلاليّة القضاء” في حين أن التشكيلات القضائيّة قابعة في أدراج رئيس الجمهوريّة منذ ثلاثة أشهر فأي استقلاليّة للقضاء نحن نطالب بها في حين أن السلطة والمجموعة الحاكمة الآن هي التي تتعدى على استقلاليّة القضاء فهل من الممكن مطالبتهم بها؟ وبالتالي حتى المحاولة التي قام بها غبطته لم يأخذوا بها وحتى لو فعلوا ذلك لكانوا فعلوه بالشكل فقط باعتبار أن كل وجودهم قائم على عكس ما طرحه غبطة البطريرك بشارة الراعي”.
وشدد جعجع على ان “الناس في لبنان يعيشون أزمة غير مسبوقة ومن الممكن أن نكون قد شهدنا أزمة مشابهة في الفترة العثمانيّة إلا أننا اليوم من دون العثمانيين، ولكن بوجود العثمانيين الجدد ولو لم يكونوا عثمانيين، ومن دون حرب وحصار نعيش ما نعيشه بالطبع هناك من يحاول تصوير المسألة بشكل مغاير للواقع على أنها حصار وأحدهم قال مؤخراً أن الولايات المتحدة الأميركيّة تمنع دخول الدولارات إلى لبنان، فهل ستمنع هذه الأخيرة أي أحد يملك الدولارات من إدخالها إلى لبنان؟ بالطبع لا، فالواقع وما خفف الدولارات في السوق اللبنانيّة هو أنه لا يمكن لأحد سحب دولاراته المودعة في المصرف كما أن من يملك الدولارات خارجاً بطبيعة الحال لن يدخلها إلى لبنان في ظل هذه الأوضاع لذا يجب عدم تشويه الواقع بهذا الشكل”.
وتابع جعجع: “نعيش اليوم أزمة معيشيّة، ماليّة، اجتماعيّة واقتصاديّة لا قعر لها على ما هو واضح اليوم. عندما أخذت هذه الحكومة الثقة كان سعر صرف الدولار قرابة الـ2000 ليرة في حين أنه وصل اليوم إلى أعتاب الـ6000 ليرة، ولكن ما هو أسوأ من الأزمة التي نعيشها هو أن الأوضاع تتدهور من سيء إلى أسوأ بشكل سريع، وهذا ما جعلنا اليوم نثور على كل هذا الواقع الذي نعيشه لأنه في ظل هذه الأزمة المستفحلة في البلاد ليس هو وقت الاستعراضات والاجتماعات في بعبدا أو في مجلس النواب أو في السراي الحكومي أو أي مكان آخر”.
وشدد جعجع على ان “المطلوب اليوم هو عقد اجتماع فوري للحكومة لتقوم باتخاذ أول قرار إصلاحي، فإن لم يكن اليوم وقت القرارات فمتى يكون؟ البلد يغرق بالفعل واليوم وقت القرارات وليس الكلام في حين اننا جل ما نشهده هو كلام واستعراضات يليها كلام واستعراضات”.
وتابع جعجع: “إلى جانب كل الأزمة التي نعيشها أصبح الكون برمته يعرف ويردّد من الصين إلى أستراليا إلى الولايات المتحدة إلى روسيا وكل المراقبين الداخليين والخارجيين أنه ما من شيء يمكنه إنقاذ الوضع في لبنان إلا الإصلاحات التي على قدر ما ردّدها العالم بأسره يمكن لتلميذ في الصف الخامس ابتدائي أن يرددها وهي: الموظفون غير القانونيين، المعابر غير الشرعيّة، الكهرباء والاتصالات والجمارك وإلى ما هنالك وقد ملّ الناس من تردادها إلا السلطة والمجموعة الحاكمة لم تسمع حتى هذه اللحظة بها”.
وتوجه جعجع إلى الرئيس عون بالقول: “يا فخامة الرئيس بدل اجتماع الغد للقاء الذي أسميته وطنياً تواصل مع رئيس الحكومة وقوما بعقد اجتماع لها واتخذوا قراراً واحداً ومن بعد هذه الجلسة بأيام قرار آخر وهكذا دواليك وعندها ترون كيف ستبدأ الأزمة بالانحسار”.
واستطرد جعجع: “يحاولون معالجة أزمة الدولار على سبيل المثال فيقومون إما بالضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أجل ضخ دولارات في السوق في حين أننا إذا ما ضخينا 20 مليار دولار في هذه الأوضاع فهي ستختفي من السوق لا محالة أو أنهم يقومون بإلقاء القبض على صيرفي “معتّر” هو يكون فعلاً يتصرّف بشكل يؤدي فقط لربحه لا غير في حجّة أنهم يلجمون مسألة الدولار في حين أن كل ما يتم القيام به لا يعدو كونه مسرحيات فقرار إصلاحي واحد سيقوم بتحسين وضع الليرة ويليه قرار ثان يحسّن أكثر وليس عبر توقيف التشكيلات القضائيّة واستبدالها بتعيينات وكأن لا وجود لآليّة مقرّة في مجلس النواب”.
وذكّر جعجع أنه “خلال اجتماع لمجلس الوزراء في بيت الدين منذ عامين قام وزراء “القوّات اللبنانيّة” بمعارضة التعيينات طارحين أنه يجب أن تتم وفقاً لآلية التعيينات فرد عليهم رئيس الجمهوريّة أن آلية التعيينات هي عرف وليست بقانون وعندما تتحوّل إلى قانون عندها نقوم بتطبيقها. اليوم أصبحت قانوناً فلماذا لم يتم تطبيقها؟ إذا كانت السلطة والمجموعة الحاكمة تقوم هي بالغش كيف تطلبون من المواطن العادي عدم الغش؟ أقرّ مجلس النواب آليّة التعيينات وبعد ذلك بـ4 أو 5 أيام بحجة أنها لم تصدر في الجريدة الرسميّة استبقوا الأمر وقاموا بمجموعة من التعيينات إن كان في المصرف المركزي أو في بعض المواقع الإداريّة الأخرى من دون الركون إلى الآليّة وعلى الطريقة التي كانت تتم في الأيام السابقة. فإن كان الوضع على هذا النحو كيف تأملون أن يتحسّن؟ هل بالدعوة للقاء وطني ندعو لحضوره جميع الشخصيات في قصر بعبدا لنقوم بالتسلية معهم وشرب القهوة وأكل الـ”Petit Four” في حين أن الناس لا لقمة خبز لتأكلها ونقوم بعدها بإصدار بيان نقول به أي شيء والناس لا تفهم ما قيل به ومن بعدها نذهب إلى بيوتنا وهكذا يصطلح الوضع؟ لا وألف لا نحن بحاجة لإصلاحات. والمشكلة أن الأمر لا يقف فقط عند عدم إقرار هذه الإصلاحات وإنما جل ما يحصل هو بعكسها تماماً كبعض الأمثلة التي أعطيناها”.
ورأى جعجع أنه “بالملخص المجموعة الحاكمة الحاليّة أثبتت فشلها بشكل ذريع، ولنأخذ الوضع الذي نحن فيه اليوم بعد 4 سنوات على بداية هذا العهد والحكومة الجديدة عمرها 4 أشهر وفي الظرف الذي نعيشه اليوم في حين أنه في أيام الخير يعطى فترة سماح لا تتعدى الـ100 يوم ولكن في أيام المحن والشدة تكون أقل من هكذا بكثير إلا انه وبالرغم من ذلك تستمر هذه الحكومة منذ 4 أشهر فيما الأوضاع في تدهور مستمر وليس هناك من أمر واحد يدفعنا للتفكير بأنه سيتوقف عند هذا الحد، لذا وبعد كل هذا الفشل الذي لا مجال للبحث به ومن الممكن أن يكون أحد أسباب دعوتنا إلى لقاء بعبدا من دون موضع محدد وملموس هو كي نكون جميعاً في “المغطس” في حين أننا نحن نعيش هم الناس إلا أننا أبداً لسنا في “مغطس” السلطة ومن يمسكونها ويتخذون جميع القرارات هم من يتحملون كل المسؤوليّة”.
ودعا جعجع المجموعة الحاكمة إلى “القيام بالأمر الوحيد الممكن القيام به اليوم إذا ما كانت هذه المجموعة تريد خدمة البلد وهو بكل صراحة أن ترحل. المجموعة الحاكمة الحاليّة أثبتت فشلها على الصعد كافة وأوصلت لبنان إلى مكان لم تستطع لا الاحتلالات ولا الغزوات إيصاله إليه، لذا المجموعة الحاكمة يمكنها القيام بهذا “المنيح” إذا ما كانت تتمتع بقدر قليل جداً من الضمير الوطني وهو أن ترحل وتفسح المجال أمام غيرها لإنقاذ البلاد. لا يظننّ أحد أن لبنان لا يملك مقومات الإنقاذ لأنها لا تزال موجودة عندنا إلا أنه مع الفريق الحالي الذي يشغل رأسه في كل القضايا إلا لبنان والذي أثبت بعد التجربة أنه لا يدرك كيفية إدارة الدولة وليس لديه إمكانية القيام بذلك ولا يملك حسن التبصّر أو أي شيء فهم لا يعرفون القيام بمجرّد التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومن اجل توحيد الأرقام داخل الدولة ما بين وزارة المال ومصرف لبنان أصبحنا بحاجة للجنة تحكيم نيابيّة فماذا يؤمل من هذه السلطة التي أريد أن أؤكد مرّة جديدة أنها للمرّة الأولى في يد فريق واحد وبالتالي الحل الوحيد هو أن ترحل المجموعة الحاكمة وتتنحى جانباً لتترك غيرها ليقوم بإنقاذ البلاد ولا نرى أي حل آخر ماذا وإلا ستتحمّل مسؤوليّة أمام الله والناس والتاريخ مسؤوليّات جسام لأنها بالطريقة التي تتصرّف بها ستوصل البلاد نزولاً أبعد من كثير مما أوصلته إليه الآن”.
وسئل: “حكيم يبدو من وراء السرد الذي سردته ومنطق التفكير أنك انتقلت من مرحلة الخطأ باختيار الرئيس عون والعهد إلى مرحلة الندم الشديد لاختياره وربما إذا ما استمرّ الوضع بالتدهور نصل إلى مرحلة جلد الذات على هذا الخيار، فهل هناك من استطفاف جديد”؟
أجاب: لا، لا، أخذتني إلى مكان آخر مختلف تماماً ولا علاقة له بما نتكلّم عنه. سنتكلّم بهذا الأمر لاحقاً فنحن لسنا نادمين أو أي شيء من هذا القبيل باعتبار أنه يتم الحكم على أي مسألة تبعاً للوقت الذي حصلت به والظرف المحيط بها في حينه وليس بعد 4 سنوات، فالمثل يقول: “يا ابني جازة جوزتك بس حظ من وين بدي جبلك” هذا بحث آخر مختلف تماماً وليس هذا “بيت القصيد” وإنما أننا من الناس ونعيش معهم والوضع لا يطاق ولماذا يجب أن نترك الناس ليقولوا ذلك نحن نقوله الوضع لا يطاق ولا نرى أي باب يدل النور في الأفق. هل من فريق كان يتعاطى بإيجابيّة مع الحكومة الحاليّة أكثر منّا؟ وهل من فريق حاول المساهمة في الحكومات ومجلس النواب والاجتماعات واللقاءات أكثر منا؟ أقولها علانيّة نحن جميعاً حول هذه الطاولة وصلنا إلى قناعة أنه “فالج لا تعالج” مع المجموعة الحاكمة الحاليّة وهناك حل وحيد وهو “يعطيهون ميت ألف عافية” ليرحلوا قبل أن يلعنهم التاريخ أكثر بكثير مما لعنهم حتى الآن.
وسئل: “في جدول الأعمال الذي ذكرته والبنود التي اقترحها غبطة البطريرك، لو كان اليوم على جدول أعمال لقاء بعبدا البحث في تعديل حكومي باعتبار أن الكثيرين يرون أن هذه الحكومة غير قادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية السياسيّة وحتى الإقليميّة فهل كنتم لتلبوا الدعوة؟”.
وأجاب: “لا، لأن المشكلة ليست في هذه الحكومة وبالرغم من كل ما أقوله فهذه الحكومة تضم أفراداً أفضل بكثير من الذين كانت تضمهم الحكومات السابقة، المشكلة في المجموعة الحاكمة التي تملي على هذه الحكومة ما يجب أن تقوم به. الجميع يعلم أنه على سبيل المثال هناك عدد كبير من الوزراء في الحكومة لم يريدوا أن تقر التعيينات بالشكل الذي أقرّت به إلا انني أتأسّف أنهم عادوا وقبلوا بها والأجدى كان أن يبقوا معارضين لها “يصير يلي بدو يصير”. لماذا عادوا ووافقوا؟ المجموعة الحاكمة هي وراء ذلك”.
وسئل: “هل سبب عدم ذهابكم إلى بعبدا هو أنكم تشعرون أن هناك مكمن ما لإعطاء غطاء ما لـ”حزب الله” من قبل ما أسميتها “المجموعة الحاكمة”، وهل تتحملون بحسب ما قالت مصادر بعبدا المسؤولية في حال حصول فتنة في البلاد في حال عدم الحضور؟”.
أجاب: “من يتحمّل مسؤوليّة الفتنة في البلاد هو من أوصل البلد إليها، ومن يتحمّل مسؤوليّة الفتنة في البلاد هو من يملك كامل القرار بيده، فليبادر إلى اتخاذ جميع القرارات المطلوبة للحؤول دونها. فهل أتت السلطة لتأخذ قرار بتوقيف كل من كانوا يعيثون خراباً في وسط بيروت وقلنا لهم لا تفعلوا ذلك؟ نحن من حضيناهم على اتخاذ القرار. من يتحمّل مسؤوليّة هو الموجود في موقع المسؤوليّة وليس من يكون في موقع المعارضة وهذا الكلام غير مقبول ولا نقبله بأي شكل من الأشكال فنحن أحرار بحضور الاجتماع الذي نريد والعكس صحيح. نحن في موقع المعارضة ومن هو في موقع المسؤوليّة وبيده القرار ويمكنه إعطاء الجيش والقوى الأمنيّة الأوامر اللازمة وتحسين أوضاع الناس ويمكنه أن يعيد تحسين وضع الليرة ولا يقوم بذلك بالتالي هو من يتحمّل المسؤوليّة”.
وسئل: “بموضوع الغطاء لـ”حزب الله” هل تشعرون بهذا الأمر؟”.
أجاب: “موقفنا معروف، لا يمكن لدولة فعليّة أن تقوم وإلى جانبها دويلة تصادر القرار الاستراتيجي للدولة وتتصرّف كما يحلو لها وتحارب في سوريا وتساعد في القتال في العراق وتدخل وتخرج من اليمن ساعة تشاء. لا يمكن وموقفنا معروف جداً. نحن ضد هذا الواقع وطالما أنه قائم فما من دولة في لبنان”.
وسئل: “لقد قلتم أن المجموعة الحاكمة تبدأ من رئيس الجمهوريّة ودعوتها إلى الرحيل فهل تدعو رئيس الجمهوريّة إلى الاستقالة أولاً؟”.
وأجاب: “إن لم ترحل المجموعة الحاكمة مع بعضها البعض فنحن لن نستفيد بشيء، يجب أن ترحل بأكملها وأنا لا أسمي أحداً بالتحديد وجل ما أقوله هو أنها يجب أن ترحل لتفسح المجال أمام غيرها بالحكم ليس من منطلق “قم لأجلس مكانك” وإنما انطلاقاً من المكان الذي أوصلوا البلد إليه”.
وسئل: “من سيأتي بدلاً عنها، أنتم كنتم في الحكم ولم يحصل أي تغيير؟”.
وأجاب: “لا، هذا غير صحيح نحن كنّا 4 وزراء من أصل 30 وزير ووجودنا كان طبيعي باعتبار أن لدينا تكتل نيابي من 15 نائباً”.
وسئل: “من غير هذه المجموعة؟”.
وأجاب ممازحاً: “خليهون يفلوا والباقي علينا”.
وسئل: “هل هناك تقارب من جديد في العلاقة مع الرئيس سعد الحريري؟”.
وأجاب: “الاتصالات مستمرّة بشكل دائم”.