رفض رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع تصوير البعض لعلاقات الصداقة بين حزبه والسعودية بكونها المدخل الواسع للسياسات السعودية بالساحة اللبنانية، خاصة في ظل التوقعات بحصول حزبه على كتلة وزارية وازنة بالحكومة الجديدة.
وشدد في الوقت نفسه على ضرورة عودة اللاجئين السوريين لبلادهم لكون لبنان لا يمكنه المضي في تحمل أعباء هذا اللجوء.
وقال جعجع، في مقابلة مع الصحافيّة جاكلين زاهر من “وكالة الأنباء الألمانية”(د.ب.أ) :”نمثل أنفسنا بالحكومة اللبنانية ونحرص على مصالح لبنان … وحصتنا في الحكومة ستكون للقوات اللبنانية وليست للسعودية ولا أي دولة أخرى … نحن بالفعل أصدقاء للمملكة ولكن هذا شأن وعملنا بالداخل اللبناني شأن آخر تماما”.
وحول اتهامات عضو المجلس المركزي بحزب الله الشيخ نبيل قاووق للسعودية بالتدخل وعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة حتى يتم تنفيذ مطالبها بضمان حصول القوى السياسية الموالية لها على حصة وازنة بتلك الحكومة، وهو ما يشمل قوى عدة منها حزبه القوات، قال جعجع :”هذا الحديث ليس صحيحا على الإطلاق … وإذا كنا بصدد الحديث عن تدخلات خارجية فلسنا نحن من نتلقى مئات الملايين من الدولارات سنويا، ولسنا نحن من يرتبط بمحاور إقليمية معينة نقاتل من أجلها بسورية وغير سورية”.
وتابع :”إنني استغرب مثل هذا الحديث … فمن يكن بيته من الزجاج لا ينبغي أن يرشق الناس بالحجارة … واتهام السعودية بالتدخل كله مجرد اتهامات مرسلة دون أدلة”.
ورغم اعترافه بوجود خلافات غير هينة حول حصة القوات في الحكومة القادمة، فقد أكد أن هذا الخلاف لا يمثل العقبة الأساسية في التشكيل الحكومي.
واعتبر أن تشكيل الحكومة لم يتأخر، وأوضح :”أسرع حكومة لبنانية تشكلت تم إعلانها بعد شهرين من بدء المشاورات حولها … ونحن لا نزال بالشهر الأول من تكليف رئيس الوزراء سعد الحريري، أي أننا بالمقاييس اللبنانية لم نتأخر”.
ولم ينكر وجود درجة عالية من التوتر في علاقته بالقوى السياسية وفي مقدمتها التيار الوطني الحر، مرجعا إياها لأجواء تشكيل الحكومة ورغبة البعض في تقليص ما حققه القوات من مكاسب بالانتخابات الأخيرة. وقال :”بالماضي، كان لنا ثمانية نواب فقط وكانت حصتنا أربع وزارات … والآن لدينا 15 نائبا، وبالتالي نقول إن حصتنا الوزارية يجب أن تتناسب مع حجم تمثلينا النيابي ومكانتنا بالشارع”.
وشدد :”الجدال كله يدور حول هذه النقطة … البعض يرفض الإقرار بحقنا رغم منطقيته … ونحن متمسكون بمطالبنا ولن نتنازل عنها”.
ورفض جعجع الإفصاح عن المقاعد الوزارية التي يطالب بها لصالح حزبه ونسبة الوزارات السيادية منها، مبررا ذلك بأن “حساسية تشكيل الحكومة اللبنانية تتطلب إبقاء المطالب داخل الغرف المغلقة”. واكتفى بالتأكيد على أنه يصر على حصة وزارية مساوية لما سيحصل عليه التيار الوطني الحر، وذلك رغم حصول الأخير على 26 مقعدا. وأوضح :”كان لدينا تفاهم مع التيار خلال مرحلة انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية يقضي بحصولنا على حصة وزارية مساوية له بغض النظر عن وجود انتخابات أم لا وبغض النظر عن عدد نواب كل طرف”.
وأبدى جعجع اعتراضا كبيرا على ما يطرحه البعض من أن التنافس بين القوات والتيار الوطني الحر ليس خلافا على الحصص ولن ينتهي مع تشكيل الحكومة لكونه بالأساس صراعا على قيادة الشارع المسيحي وعلى رئاسة الجمهورية في المستقبل بينه وبين جبران باسيل رئيس التيار، وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال ، صهر الرئيس.
وقال :”لا لا، ليس هو الأمر على الإطلاق… كل يوم بالسياسة هو زمن بحد ذاته … ونحن الآن نركز على تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان يكون تمثلينا الوزاري بها كقوات مساويا لتمثيلنا النيابي والشعبي … أي أن الخلاف لا علاقة له برئاسة جمهورية ولا أي شأن آخر … وعامة لكل حادث حديث”.
ورجح أن يكون مرجع التغير الذي طرأ على خطاب حزب الله بالفترة الأخيرة وتحوله إلى التركيز على مقاومة الفساد وغيره من القضايا الداخلية مقارنة بفترات أخرى كان ينصب تركيزه فيها على الوضع الإقليمي هو “تلمس الحزب لظهور موازين قوى جديدة بالمنطقة ككل … فضلا عن احتمالية إدراكه خلال الانتخابات الأخيرة بمدى التذمر الكبير الذي ساد قواعده، وتحديدا فيما يتعلق بسكوته الدائم عن الفساد الموجود بالدولة”.
وأكد جعجع أنه لا تنازل عن مبدأ سيادة الدولة وقرارها الاستراتيجي، معتبرا أن “المخاوف من انخراط حزب الله في أي صراع محتمل بين إيران وإسرائيل وما قد يتبعه ذلك من إقحام البلاد في مغامرة لا يستطيع تحملها يعزز المطالب بضرورة تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع”، لافتا إلى أن “التقدم باتجاه تحقيق هذا الهدف مرتبط بتوازن القوى الداخلية والظروف المحيطة بلبنان”.
وانتقد جعجع ما يردده أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من انتقادات لدول الخليج بالتقاعس عن محاربة إسرائيل رغم انتهاكاتها بالأراضي الفلسطينية ولبنان والتركيز في المقابل على إيران، وقال :”هذا الطرح ليس صحيحا، وإن كان نصرالله يرى دول الخليج متقاعسة فنحن نسأله أيضا عن تقاعس إيران التي يفوق تعداد سكانها عدد سكان كل دول الخليج مجتمعة وهي من تتفاخر بقوتها العسكرية الكبيرة الموجودة بسورية والعراق وغيرهما”.
وواصل جعجع هجومه على “مرسوم التجنيس” رغم الحديث الرسمي عن إعادة النظر ببعض الأسماء الواردة به لوجود شبهات عليها، متعهدا بأن تقدم القوات طعنا قضائيا لإلغائه برمته. وأوضح :”هذا المرسوم شابته مغالطات كبيرة جدا من البداية … فضلا عن اشتماله على عدد ليس قليلا من الشخصيات الاقتصادية السورية التي تدور حولها الشبهات وتريد الحصول على الجنسية لتباشر أعمالها من جديد”.
وشدد :”لبنان ليس فندقا ليرتاح فيه البعض لفترة، فنحن لا نملك مساحات واسعة ككندا وأستراليا … كما أننا لسنا سوقا لبيع الجنسية … الجنسية اللبنانية غالية جدا … والدستور ذاته ينص على أن التجنيس يتم في أضيق الحالات”.
واتفق جعجع مع الطرح الساخر حول مرسوم التجنيس والقول إنه يفتح أبواب لبنان أمام الأثرياء السوريين ويغلقها أمام اللاجئين، إلا أنه شدد على أنه لا تنازل عن ضرورة عودة هؤلاء لبلادهم، وقال :”لبنان تحمل إقامة أكثر من مليون لاجئ سوري لسبع سنوات … ولا يمكننا المضي لأكثر من هذا … لا الخزينة تتحمل ولا الوضع الاجتماعي ولا المساحة أو الموارد … هل المطلوب سقوط لبنان حتى يستشعر الجميع الخطر عليها جراء وجود هذا الكم الكبير من اللاجئين على أراضيها؟!”.
وتابع :”هؤلاء عليهم العودة خاصة وأن كثيرا من المناطق بسورية صارت آمنة أو على الأقل لم تعد بها عمليات عسكرية … ربما تكون عودة اللاجئين نقطة التوافق بيننا وبين التيار الوطني الحر … وإنْ كنا نؤكد على ضرورة التصرف بحكمة وبشكل يحقق الهدف”.
ورفض جعجع اعتبار عودة اللاجئين نوعا من التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد واعترافا بانتصاره، وقال :”العودة ليست تطبيعا ولا اعترافا … بالعكس، أي تنسيق مع النظام سيعيق عودة هؤلاء اللاجئين الذين هربوا من جحيم نظامه بالدرجة الأولى … عودتهم ليست بحاجة لتنسيق ولا تطبيع مع أحد، إنما هي بحاجة لقرار سيادي لبناني والتنسيق مع اللاجئين أنفسهم والمرجعيات الدولية المعنية بعودتهم”.