يراهن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على حس المسؤولية والوعي عند المسؤولين السياسيين لانهاء الازمة المستفحلة التي تقود البلاد نحو الانهيار الحتمي وسماع صرخات الناس في الشارع لتلبية مطالبهم، وهم الى ازدياد يوميا مع اقفال المؤسسات ابوابها وصرف الموظفين او خفض رواتبهم الى النصف، فيما الرهان على الخارج لانتشالنا من المستنقع الذي وضعنا انفسنا فيه خاطئ “فاذا لم نساعد انفسنا، عبثاً نتكل على الخارج”.
ويقول جعجع في حديث لـ”المركزية”: “من غير مقبول بأي منطق، بعد نحو شهر على استقالة الحكومة في ظل وضع اقتصادي ومالي ومعيشي يتدهور من ساعة الى اخرى والازمات تتناسل من البنزين الى الرغيف والدواء الى اقفال المؤسسات والاقتصاد الى مزيد من التدهور واللبنانيون يعجزون عن سحب اموالهم من المصارف فيما المعنيون يماطلون وينتظرون ولا يشكلون الحكومة. هذا افظع ما يمكن ان يجري، ليس استنادا الى حسّ المسؤولية فحسب، بل الى الحس الانساني. ويتابع: والانكى انهم يسعون لتشكيل حكومة تشبه سابقاتها يعرف اللبنانيون جميعا الى اين اوصلت البلاد. اما الحديث عن صرف الوقت الذي يستلزمه عادة التأليف قبل التكليف، فهذا قمة اللا منطق، اذ في ظرف مماثل لا يجب ان يستغرق التكليف والتأليف اكثر من ايام معدودة، كما يتوجب احترام الاجراءات الدستورية ولو في الحد الادنى.
واعلن انه أرسل بتمنٍ من الرئيس ميشال عون موفدا من معراب الى بعبدا، ابلغه موقف حزب القوات المرتكز الى وجوب تشكيل حكومة من اخصائيين مستقلين قادرة وحدها على انقاذ البلاد، والحزب لن يشارك في اي حكومة غيرها، الا ان هذا الرأي لم يلق تأييدا.
وعن السبب، اوضح جعجع ان بعض من يرفض حكومة الاخصائيين المستقلين يعتبر ان لا حياة سياسية له خارج السلطة وانهم اذا بقوا خارج الحكومة سيفقدون شعبيتهم، لان قاعدتهم ترتكز الى استخدام السلطة للمنافع وتقديم الخدمات والتوظيفات والصفقات. وهذا صحيح، لذا لم يعد يهمهم سوى البقاء في السلطة وهذا امر مؤسف. واشار الى ان اهمية حكومة الاختصاصيين المستقلين ان وزراءها لا يرتبطون بالقوى السياسية وتاليا يبقى قرارهم حرا، موضحا ان الوزير كميل ابو سليمان الاختصاصي البحت اصبح قراره الحكومة مرتبطا بالقوات لمجرد ان الحزب اختاره. والمستغرب تابع جعجع، ان اهل السلطة لا يريدون فقط وزراء سياسيين في الحكومة التي يسعون الى تشكيلها لكن ايضا ان يسموا التقنيين للامساك بقراراتهم.
وعن حكومة الوحدة الوطنية التي ينادي بها فريق “الثنائي الشيعي” قال جعجع: منذ عشر سنوات كل الحكومات كانت حكومات وحدة، فما النتيجة التي قادت اليها، في المال وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي الوضع المعيشي. اننا نعاينها اليوم في ابشع صورة.
وبقدر ما يرفضون بقاءهم خارج الحكومة لان ذلك يعني فقدان شعبيتهم المبنية على الخدمات، يتمسكون بالرئيس سعد الحريري لجلب بعض المساعدات الفورية التي من دونها، يضيف جعجع، وفيما لو تشكلت حكومة تريد ان تنفذ الاصلاحات، لن تتمكن وستسقط. فشبكة علاقاته الدولية هي ورقة رابحة لاي حكومة مقبلة، وها هم اليوم يعيدون الكرّة كما فعلوا منذ سنوات، يستفيدون من حسناته ويتصرفون بها بحسب مصالحهم.
اما الثورة، فيعتبر جعجع ان اهم ما فيها ان اناسها على صلابتهم ووحدتهم ووطنيتهم وايمانهم بالقضية من طرابلس الى بعلبك الى النبطية وصور وبيروت يسعون الى حياة افضل. هذا رهان قيامة لبنان. ولا بد ان يستجيب القدر.
ويؤكد ان الرئيس الحريري ثابت في موقفه لانه الاكثر دراية بحقيقة الاوضاع الاقتصادية والمالية ويستهيب الموقف انطلاقا من حجم المشكلة التي تتطلب حرية مطلقة للتحرك سريعا وبدء المعالجة، واشك في ان يتخلى عن شروطه، لان اي حكومة على غرار سابقاتها ستسقط حكما.
واذ اكد ان لا جدوى من اي حوار ما دامت المواقف على حالها والحل معروف، اوضح ان الاتصالات قائمة بين معراب وبيت الوسط لتنسيق المواقف.
وعلى ضفاف الازمة الحكومية وفي ما خص ازمة البنزين ومناقصة وزارة الطاقة، سأل جعجع: اليست وزارة الطاقة هي المسؤولة عن تأمين الطاقة في لبنان؟ منذ عشر سنوات نعاين اداء الوزارة ومستوى انتاجيتها، وقد تسببت بما يناهز 20 الى 25 مليار دولار من مجموع الدين العام حتى اليوم، ما بين هدر وفساد ولا كفاءة. واليوم نوكل اليها مهمة استيراد البنزين، ونحن منطقياً على يقين بأن النتيجة لن تكون افضل مما هي في مجال الطاقة، اختصاصها الاساسي. واضاف: ان المشكلة في ازمة البنزين ليست في مَن يدير ويستورد بل في فتح اعتمادات بالدولار في المصرف المركزي، فاذا استوردت الشركات او الوزارة ستبقى المشكلة القائمة نفسها، ولا علاقة للطريقة التي تعالج بها الازمة بجوهر المشكلة اطلاقا، والخوف، كل الخوف من ان تنجح وزارة الطاقة في مجال استيراد البنزين على غرار نجاحاتها في الطاقة…هنا المصيبة، وإذا بقي القليل من البنزين في البلد سينعدم آنذاك. اما ما تظهر من دفتر الشروط بالنسبة الى حق وزير الطاقة في تعديل نتائج المناقصات حتى بعد صدورها، فالامر غير منطقي، اضافة الى ان اي مناقصة يجب ان تمر من بوابة ادارة المناقصات وعدم التحايل على القانون باعتبارها تجري عبر المنشآت، وان منشآت النفط هي ادارة عامة والادارات العامة لا تخضع لادارة المناقصات، هذه كلها حجج واهية.