أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “لم يكن بالامكان اكثر مما كان”، مشيراً إلى أنه “لأننا لا نشبه الطبقة السياسية الموجودة، ندفع الثمن دائماً، فإما نتصرف كما فعلنا انسجاماً مع نظرتنا للمصلحة الوطنية العليا ومقتضيات المرحلة الحساسة التي توجب على الجميع تقديم تنازلات او ننتقل الى موقع المتفرج، وننأى بأنفسنا عن مهمة انقاذ الوطن”. وقال: “ولاننا لا نشبه هذه الطبقة السياسية… ندفع ثمن مواقفنا مشاريع عداوة مع بعض القوى السياسية التي تمضي في المقاربات الخاطئة ازاء الملفات الحساسة، من السياسة الى الاقتصاد وسائر القضايا التي نتطلع الى انتشالها من براثن الفساد والمشاريع المشبوهة والصفقات بإصرارنا على عبورها من معبر المؤسسات الدستورية الالزامي، وليس ما يثنينا عن هذا الخيار مهما اشتدت المواجهة”.

جعجع، وفي حديث لـ”المركزيّة”، قال: “ان تجربة الاشهر التسعة المريرة التي دفعت البلاد الى الهاوية السحيقة، لا بد الا ان تكون فعلت فعلها لدى جميع القوى السياسية لناحية تهيّب الموقف ودقة المرحلة ووجوب التعاطي معها بعقلية مختلفة عن تلك التي سادت في حكومة “استعادة الثقة” التي تحولت الى حلبة مصارعة حول بعض الملفات وابرزها الكهرباء، فإلى جانب الخطر الاستراتيجي الموجود على الدولة ثمة خطر قد يكون أشدّ وقعاً يمثله الفساد المتجذر في داخلها، ومواجهته واجب وطني ونحن سنقود حملة شرسة للقضاء عليه، فحيث نشتم رائحة فساد سنقف بالمرصاد”.

وأضاف: “في الحكومة السابقة كلفنا موقفنا من ملف الكهرباء عداوة مع الكثير من الاطراف السياسيين تظهرت مفاعيلها في الانتخابات النيابية وتحالفاتها ومحاولات اقصائنا الا ان الارادة الشعبية قدّرت وعوضت ومنحتنا ثقة نفتخر بها. في هذا الاتجاه سنمضي من دون هوادة من دون مسايرة او تغطية. لا نعارض افرقاء سياسيين في اي موقع كانوا، بل مواضيع تختزن فسادا في مضمونها. نحن حاجة لهم لكن لا يقتربون منا كثيرا لاننا نعطل مشاريعهم الخارجة على القانون ومنطق الدولة. سنتفشى كبقعة الزيت لنكون تجربة صالحة تحدث التغيير المطلوب”.

وشدد جعجع على أن “لا مجال للدولة ان تتقدم اذا لم تنفذ الاصلاحات الجذرية ان تلك المطلوبة في اطار مؤتمر سيدر او غيرها. ولاسباب داخلية لبنانية بحتة لم يعد جائزا المضي قدما من دون اصلاحات في طريقة ادارة الدولة وترشيد الانفاق وفي الوضعية المالية والتدابير الاقتصادية وتحديدا العجز السنوي في الموازنة الواجب الشروع في تخفيضه على الاقل بنسبة مليار دولار بأي وسيلة. اما بعض الملفات التي تستنزف اموال الدولة فلا بد من معالجتها لمرة واحدة واخيرة والكهرباء في راس القائمة حيث تكلف الخزينة ملياري دولار سنويا من دون الحصول على كهرباء والحلول واضحة وعروض الشركات العالمية لتقديم حل خلال عامين مطروحة”.

اما عن المساعدات الخارجية ولا سيما العربية والخليجية منها، فيعتبر جعجع انها “آتية حالما تلمس الدول المهتمة بلبنان شرقا وغربا جدية في التعاطي الحكومي مع الاصلاحات، وآنذاك ستتدفق المساعدات لكن خلاف ذلك لا مجال لأي أمل”.

وعن كيفية تحييد لبنان الدولة عن المواجهة بين واشنطن و”حزب الله” والتحذيرات التي وُجهت للحكومة ازاء التعاطي مع حقائب الحزب، أكّد جعجع اننا “نأخذ كل التحذيرات الدولية في الاعتبار، فلبنان ليس جزيرة معزولة، لكن الاهم ان لبنان بلدنا ولا يقوم بلد في ظل الاعوجاج وفي موازاة دويلة تملك قوة السلاح والقرار وهامش التحرك بعيدا من الدولة. والاهم ايضا صِدقنا مع انفسنا لجهة ان لم يعد من مجال لاستمرار “حزب الله” كما هي الحال راهنا، لا دولة فعلية تبلغ مداها الاقصى بوجود دولة رديفة. هذا ايماننا وهذه قناعاتنا وقضيتنا التي نحملها في كل المؤسسات الدستورية”.

وازاء الغليان الاقليمي وكيفية تحصين لبنان في مواجهة التحديات، اعتبر جعجع ان “الطريقة الوحيدة تتمثل في اتاحة المجال لقيام دولة فعلية تملك وحدها القرار الاستراتيجي العسكري والامني وتسهر بكل ما للكلمة من معنى على تطبيق سياسة النأي بالنفس، هذا ما سيجتهد وزراء القوات في تأكيده في جلسات مجلس الوزراء كافة، وهذا ايضاً باعتقادي موقف رئيس الحكومة سعد الحريري وفرقاء كثيرين غيره، على امل ان يؤكد البيان الوزاري على هذا المنحى، ولا استبعد ان يكون حزب الله في موقع تقدير دقة الوضع ومدى خطورته، ولم يعد بالامكان طمر الرؤوس في الرمال بل الالتزام الفعلي بسياسة النأي بالنفس”.

وعن حركة المصالحات قال جعجع انها “انهت رواسب الحرب وادت اغراضها لجهة اعادة الحياة السياسية الى طبيعتها ولا علاقة لها بالتموضع السياسي لكل فريق. اما ما تبقى فتموضعات سياسية مختلفة تبلغ حد اسس قيام لبنان كتلك التي بيننا وحزب الله، هذه لا تحتاج لمصالحة، اذ ان المشروعين متناقضان بنسبة 180 درجة وكل فريق يسعى لمحاولة انجاح مشروعه”.

واشار جعجع الى ان التنسيق قائم مع “التيار الوطني الحر” في الملفات التي توجب التعاون، في حين يختفي حيث المكاسب السياسية في السلطة، وخصوصاً في تشكيل الحكومة والتعيينات. في مطلق الاحوال ابواب معراب مفتوحة للتنسيق في اي ملف وقضية.

ورداً على سؤال عما إذا كان من الممكن أن يزور بعبدا لتهنئة الرئيس ميشال عون بالحكومة؟، قال: “هذا امر طبيعي، فعلاقتنا مع الرئيس ترتكز الى الموقع مع رئاسة الجمهورية، اما العلاقة مع الوزير جبران باسيل فعلاقة مع رئيس حزب يتحكم بها التلاقي او عدمه في المواقف الداخلية والخارجية، كموقفه مثلا من محاولة اعادة سوريا الى الجامعة العربية والحماسة الزائدة في هذا الاتجاه. وهنا اسأل اي سوريا يعيدون الى الجامعة سوريا ايران ام سوريا روسيا، ان نصف سوريا خارجها والنصف الاخر في المعارضة فما الذي يبقى من سوريا؟ اما زيارة الوزير باسيل الى سوريا اذا ما تقررت فنقف ضدها بالمطلق”.