أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “الجمهوريّة القويّة” التي نسعى إليها ليست “جمهورية افلاطون” المنشودة، كونها تتخطى المقدرات والمعطيات والوقائع في بلد كلبنان يحمل اوزار عقود من “موبئات” اقترفتها ايادي من جنوا عليه وعلى شعبه بالفساد والمحسوبيات والزبائنية والهدر وكل ما يصح في هذا المجال من عبارات “تليق بالمقام”، بل في الحد الادنى دولة غير مهددة كل لحظة بالاندحار نتيجة غياب الحكمة في التعاطي السياسي المفترض ان يكون على قدر من المسؤولية تؤهله لادارة الشأن العام”.
جعجع، وفي حديث لـ”المركزية”، شدد ردا على سؤال عما يفعل لو كان المسؤول الاول في البلاد ويملك مفتاح القرار في هذه المرحلة على ان اجتماع الحكومة هو اكثر الخطوات الحاحا وضرورة قصوى قبل اي امر آخر. ذلك ان الدرك الذي انحدرت اليه البلاد يستوجب اعلان حال طوارئ اقتصادية مالية واستنفارا سياسيا لمواجهة الانهيار”.
وأضاف: “المسألة بسيطة لا تحتاج دراسات، بدءا بالشروع بتطبيق كل ما يثار من خطوات واجبة في ملفات يتم تناولها والاضاءة على مكامن الخلل الكبير فيها من دون ان توضع على سكة الحل والتنفيذ واهمها:
-اقفال المعابر غير الشرعية، وهي عملية غير معقدة كما يصور البعض، لا ينقصها الا القرار السياسي، فالجيش والاجهزة الامنية المعنية لديهم كامل المقومات التي تخولهم تنفيذ القرار فور اتخاذه، وكل ما يطرح من حجج وذرائع يتبدد لحظة صدوره.
-ضبط التهريب الجمركي عبر المعابر الشرعية التي اشار اليها اكثر من مسؤول.
-تنظيم قطاع الكهرباء بدءا من تعيين مجلس ادارة جديد بعد انتهاء مهلة الاشهر الاربعة التي منحت لانجاز المهمة من دون ان يحركوا ساكنا، لا لشيء الا لأن عملية المقايضة بين بعض القوى السياسية في التعيينات في بعض المواقع لم تنجز بعد، وتاليا يبقى قرار التعيين في مهب المحاصصة السياسية وزواريبها الضيقة. وفي الكهرباء ايضا، يضيف جعجع، تعيين الهيئة الناظمة المفترض ان تتولى تنظيم القطاع وتقطع الطريق على الصفقات والسمسرات التي ترهق خزينة الدولة وتفتح شلال نزفها على أشدّه، وتسريع خطة الكهرباء التي اقرها مجلس الوزراء منذ اشهر.
-وقف عقود الـ 5300 وظيفة المخالفة لقرار وقف التوظيف، والتي حددتهم لجنة المال والموازنة .
– اشراك القطاع الخاص في ادارة مرفأ بيروت او تحويله الى شركة مساهمة بعد تعيين مجلس ادارة خلفا للحالي الذي مضى على خدمته اكثر من 30 عاماً”.
ولفت جعجع إلى ان “هذه الاجراءات الفورية، على سبيل المثال لا الحصر، من شأنها ان ترفد المالية العامة للدولة سريعا بمليارات الدولارات، وهي بمجملها اصلاحات مطلوبة من لبنان لاستمرار مساعدته وتقديم الدعم الخارجي له”.
واستطرد جعجع: “اما التعيينات فحدّث ولا حرج…عن المحاصصة وسياسة “مرقلي تا مرقلك” التي تمنع حتى اللحظة اعتماد الآلية التي نناضل بشراسة لاجلها ولن نتراجع. هذه الآلية كفيلة بإيصال كل كفوء الى الموقع الذي يستحق وليس كل محسوب على هذا الفريق السياسي او ذاك، آنذاك ينتظم عمل الدولة وتوضع على سكة العمل الجدي والانتاج الفعلي”.
ورداً على سؤال عن رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور؟ أجاب جعجع: “المادة واضحة لا تحتاج تفسيرا والمشكلة ليست موجودة في المناصفة ولا احد يسعى الى نسفها اساساً، ثمة من يصوّر الامور على نحو غير صحيح لهدف معين لا صلة له بالواقع. مجمل ما في الامر ان في بعض الوظائف لا يتقدم العدد الكافي من الراغبين من طائفة معينة للوظيفة المحددة، فيما يتقدم هؤلاء لوظائف اخرى قد تكون ارفع في معظم الاحيان فتتفاوت والحال هذه نسب التوظيف بين طائفة واخرى بحسب طبيعة ونوع الوظيفة. ويضيف: في مطلق الاحوال لا ارى الظرف ولا المناخ مؤاتيين لفتح ملفات سجالية. الوقت لم يعد متاحا الا لاعلان حال استنفار قصوى لانقاذ الوضع الاقتصادي والمالي. اما اقحام البلاد في سجالات عقيمة وفتح ملفات خلافية فيزيد الوضع سوءاً، واتمنى على رئيس البلاد ان يبقى “بيّ الكل” قولا وفعلاً”.
وعما يقول في ذكرى مصالحة الجبل التي تحل غداً بعد السهام التي وُجهت اليها؟، أكّد جعجع أن “المصالحة ليست مجرد ذكرى، هي واقع قائم ومستمر، هم وضعوا نقاط الارتكاز وواجبنا البناء عليها وصيانتها من اي خطر. اما محاولات القنص عليها فجريمة لن يغفرها التاريخ. وقد اشرت في آخر اطلالاتك الى ان 14 اذار خط احمر، هل اردت القول ان محاولة الغاء اي من اركان هذا الفريق يعيد احياءه؟ ان 14 اذار ليست مجرد فكرة تزول، هي مشروع استراتيجي يجسد رؤية لبناء الدولة، مخطئ من يعتقد ان 8 و14 لم يعودا موجودين، هما مشروعان قائمان متناقضان لا يمكن ان يلتقيا او يتقاطعا، مشروع قيام الدولة الفعلية ومشروع اللا دولة. امام هذا الواقع لا يمكن الا ان نهب للدفاع عن اي مكون يتطلع الى بناء الدولة ويشاطرنا الحلم، ونقف الى جانبه منعا لاستهدافه”.
وعن نظرته مشروع دير عمار وما هو موقفه منه؟، قال جعجع: “ان معركتنا الاساسية في الحكومة السابقة كانت ضد البواخر بسبب الهدر والارقام المشبوهة. تكبدت الدولة خسائر بمليارات الدولارات، لكن لا نتيجة ملموسة، ولا حتى معامل وبنى تحتية تملكها. ملاحظتنا الاساسية على خطة الكهرباء التي اقرتها الحكومة كشرط لدعمها كانت الاصرار من قبلنا على ربط اي حل موقت بالحل الدائم، كما على آلية شفافة للمناقصات من اجل المعامل، لذا خضنا معركة إدارة المناقصات. هذا الامر يفترض ان يطبق اليوم على المعامل الجديدة. بالنسبة لمعمل دير عمار، عرض مستثمرون حل الازمة بين الدولة والمستثمر اليوناني، باكمال المشروع على اساس عقد “BOT”، بهذه الطريقة، سيوفر المشروع اموالاً طائلة على خزينة الدولة ويؤدي في الوقت نفسه الى تحسين وضع الكهرباء. في مجلس الوزراء صوّت وزراء “القوات” مع هذا الحل على امل تنفيذه في أسرع وقت لان المعامل الدائمة تحسن وضع الكهرباء. وفي ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة المستثمرين في البلاد، علينا كمسؤولين ان نشجّع أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في لبنان ضمن الاصول القانونية التي نحرص عليها كحزب”.
وختم جعجع: “لا ارى انتهاء الازمة الاقليمة- الدولية دون تغيير في موازين القوى سينعكس حكما وفي الدرجة الاولى على لبنان ليفتح طريق قيام الدولة حيث لا قرار ولا سلطة الا للدولة…للدولة وحدها. لكن حذارِ اذا ما انزلقت التطورات الى مشروع عسكري الا يتحمل رئيسا الجمهورية والحكومة مسؤولياتهما الدستورية في حماية لبنان من خلال منع امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من الانخراط في الحرب وجرّ لبنان اليه تنفيذا لما وعد به فيما لو تعرضت ايران لضربة عسكرية”.