أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أننا “في مرحلة إستثنائيّة جداً لذلك نحن نجري حسابات استثنائيّة”، مذكّراً بأنه “قبيل الحكومة الماضية لم تأخذنا 5 دقائق مسألة تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة إلا أن الحسابات اليوم فمختلفة وهناك عنصران طارئان إستثنائيان لا يمكننا عدم أخذهما بعين الإعتبار وهما الحراك في الشارع والطريقة التي تمت بها إدارة الدولة في الأعوام المنصرمة لذلك أتت حساباتنا بهذا الشكل الاستثنائيّ”.
جعجع، وفي مقابلة خاصة مع الإعلامي ألبير كوستانيان عبر الـ”LBCI” والـ”LDC”، أوضح أن “موضوع تسميّة الرئيس سعد الحريري لم يطرح بشكل جدي إلا في الـ24 ساعة الماضية، في حين كنا نطالب بحكومة أخصائيين مستقلين وعندما طرح أن يتم ترؤسها من قبل الرئيس الحريري قمنا بالحسابات اللازمة في اجتماع التكتل الذي استمرّ لخمس ساعات، وأتت بالشكل الذي أتت عليه في ظل التحركات الشعبيّة في بيروت والتطورات الأخيرة”.
ولفت جعجع إلى أن “تكليف الرئيس الحريري هذه المرّة ثمنه غال جداً ولكننا لا يمكن أن ندفع هذا الثمن في حين أن المتوقع كان مبهماً، ليس صحيحاً أننا طالبنا الحريري بتعهد خطي منه بأنه سيشكّل حكومة أخصائيين مستقلّين، إلا أننا ركزّنا على موضوع تأليف حكومة مماثلة”، مشيراً إلى أنه “إن تم تكليف الرئيس الحريري فهو يبقى في حال نوى تشكيل حكومة أخصائيين مستقلين بحاجة لتوقيع الرئيس عون من أجل تأليفها في حين أن عون يقولها علناً أنه لا يريد حكومة مماثلة، لذلك فضلنا أن ندفع الثمن الغالي عندما تكون الأمور قد أصبحت واقعيّة مع تشكيل الحكومة وليس الآن في حين أن الأمور لا تزال مبهمة”.
تابع جعجع: “بعدما انتهيت من اجتماعي مع الوزير غطاس خوري سألتني إحدى الصحافيات كيف يمكن أن يتم طرح اسم الرئيس الحريري في ظل رفض الشارع له وأجبتها أنه يتم طرح الإسم كما يطرح بقاء الرئيس عون والرئيس بري إلا أنه لم يكن لدينا موقفاً نهائياً من مسألة الإستشارات، ماذا وإلا لكنا أبلغناه للوزير خوري فوراً”.
وأوضح جعجع أننا “سنتابع الوضع من اليوم حتى نهار الخميس لنرى إلى أين ستصل الأمور، مع تركيزنا على تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن من أجل إنقاذ الوضع لأننا قادرون على إنقاذه”.
ورداً على سؤال عما إذا كانت المواقف الدوليّة داعمة لتسميّة الحريري، قال جعجع: “الموقف الدولي عادي جداً والإتصالات التي تجرى اليوم جميعها داخليّة – شعبيّة وعنيت بعادي أنه ليس هناك في الخارج من يقول لا يمكن للوضع أن يصطلح في البلاد من دون حكومة برئاسة الحريري كما أن ليس هناك من يقول العكس أيضاً”.
وشدد جعجع على ان “المسؤولين لا يعون ما هو حاصل في البلاد لا لناحية التحركات الشعبيّة أو التدهور الإقتصادي لهذا السبب نرى ما نشهده مماطلة على قاعدة ماذا سيربح هذا وماذا سيربح ذاك في حين أنه كان بالإمكان ألا نخسر الشهرين الذين خسرناهما، الأمور تخطّت كل الحسابات السياسيّة وبيت القصيد اليوم هو المزاج الشعبي وهناك حل وحيد للأزمة الحاليّة ولو قمنا به منذ شهرين لكنا وفّرنا التدهور الإقتصادي المعيشي الذي حصل جراء التسويف والمماطلة في هذه الفترة والحل هو حكومة جديدة كليّاً مؤلفة من شخصيات لا علاقة لها بالقوى السياسيّة التي أودت بالأمور إلى ما وصلت إليه”.
وشدد جعجع على ان “اهم شيء في الإقتصاد هو الثقة ومن أجل إعادة الفعاليّة لإقتصادنا علينا استعادة الثقة، لذلك على “الواجهة” أن تتغيّر”، داعياً “المسؤولين المعنيين أن يروا ما هو حاصل في البلاد، فإجمالاً الرئيس الحريري شخصيّة محبوبة وبالرغم من ذلك رأينا ماذا حصل معه في الشارع عندما طرح إسمه للتكليف، وهذا الأمر جزء من الذي أثّر على قرارنا”.
وعن العلاقة مع “تيار المستقبل”، قال جعجع: “نمر “بطلعات ونزلات” في العلاقة إلا أننا متفقون دائماً على القضايا الإستراتيجيّة بغض النظر أيضاً عن الخلاف على طريقة إدارة الدولة”.
ورأى جعجع أنه “ليس هناك من تصوّر واضح للخروج من الأزمة لدى المسؤولين ويمكن أن أقول إننا لدينا مع بعض المستقلين وبعض الرفاق في حزب “الكتائب اللبنانيّة” تصوراً إلا أن الآخرين لا يزالون في غير مكان ويراهنون على تعب الناس ومجيء الشتاء”.
ورداً على سؤال عن انتقال الوزير جبران باسيل إلى المعارضة، أوضح جعجع أن “الوزير باسيل نُقل إلى المعارضة ولم ينتقل هو بطلقاء نفسه باعتبار أنه استمر حتى اللحظة الأخيرة يحاول دخول الحكومة إلا أن إصرار الرئيس الحريري على عكس ذلك نقله إلى المعارضة. الوزير باسيل لا يزال يعيش في المرحلة السابقة وانا عندما أتكلّم في هذا الإطار أكلّم عن الوزير باسيل تحديداً لأن هناك الكثير من القيادات في “التيار الوطني الحر” التي فهمت ما هو حاصل في الشارع. ما رأيناه أخيراً ليس تموضعاً جديداً له وإنما مناورة لا أكثر، فبعد محاولاته الحثيثة لدخول الحكومة والتي باءت بالفشل خصوصاً بعد أن أتى حلفاؤه ليقولوا له لا يمكن أن نعطل تأليف الحكومة أكثر فقط لمجرّد إصرارك على دخولها، قام بهذه المناورة، فكيف لحزب رئيس الجمهوريّة أن يكون في المعارضة؟ ماذا وإلا إن كان هذا قراراً وتموضعاً أكثر منه مناورة لكان على الرئيس الإستقالة”.
وتابع جعجع: “لم تنته فقط التسوية الرئاسيّة وإنما كل المرحلة السابقة انتهت فيما نرى اليوم ان هناك بعض المسؤولين الذين يعيشون في حال إنكار، والدليل على ذلك ما حصل مع أكثر الشخصيات شعبيّة من بين القوى السياسيّة الحاكمة سابقاً عندما طرح تكليفه لرئاسة الحكومة”.
واعتبر جعجع أن “ما يحصل اليوم لا علاقة له بالنظام وإنما بأولياء الأمر الذين يتحكمون بالبلاد، فلو وضعنا هؤلاء في النظام في الولايات المتحّدة لخربوه بسنة واحدة؟ إذا المشكلة ليست بالنظام وإنما بالمسؤولين باعتبار أن أحسن الأنظمة مع أفسد الأشخاص ستفشل فيما أسوأ الأنظمة مع أحسن الأشخاص فيمكن أن تنجح؟”.
وعن اتهام “القوّات اللبنانيّة” بأنها كباقي أحزاب السلطة، ردّ جعجع: “ماذا كان بالإمكان القيام به سابقاً ولم نقم به؟ أكثر من القيام بحراك على طاولة رئيس الجمهوريّة في الإجتماع الإقتصادي في بعبدا في 2 أيلول 2019 والمطالبة بحكومة أخصائيين مستقلين؟ كما أننا أيضاً بعد بدء الحراك بأيام معدودة خرجنا من الحكومة إلا أننا كنا فيها عندما كان من المفترض أن نكون فيها لمحاولة التغيير والتأثير على القرار قدر الإمكان. أما بالنسبة لتهمة أننا شاركنا في الحرب فليس جيداً أن يتم الحكم على الناس على قاعدة “من شارك في الحرب ومن لم يشارك”، لي الفخر بأنني اشتركت مع رفاقي بالحرب ولو لم نقم بذلك لما كنّا اليوم نعيش في بلد يمكن لنا فيه أن نكلّف رؤساء حكومة وتشكيل حكومات، لكنا نعيش اليوم في وطن بديل، “يسمحولنا بعض الفريخات” وليقرأوا التاريخ قبل اتهام الناس، وإذا ما أرادوا أن يأخذوا دورهم ليتفضلوا وليقوموا بنصف أو ربع ما قمنا به والساحات مفتوحة لهم، فالشموليّة في الحكم خطيرة جداً ولا يمكن ومن غير الجيّد أن يذهب “الصالح بعزاء الطالح”، ليروا كيف كان أداء وزراء “القوّات اللبنانيّة” في الحكومات السابقة قبل الحكم علينا، فنحن لسنا مع أن تكون “ثورة على العمانية” و”يا قطّاع الرؤوس غمض عيونك وقطاع” ليس هكذا تكون الأمور”.
وتابع: “بكل بساطة وبكل تواضع وبكل صراحة قبل بدء هذا الحراك كان هناك حراكاً في مجلس الوزراء يقوم به وزراء القوات لدرجة أنه في الأشهر الأربعة الماضية كل ما رفع يده وزير من القوات ليطلب الكلام كاد يرد مباشرةً رئيس الجمهوريّة أو رئيس الحكومة قائلاً لمن يكتب المحضر “سجّل إعتراض”، فنحن لم يكن يعجبنا كل ما يتم القيام به وعندما بدأ الحراك ارتحنا نفسياً لأننا كنا نصرّخ لوحدنا داخل مجلس الوزراء واليوم أتى من يصرّخ معنا. وأفضّل تسمية لما يحصل في لبنان هي “حراك” لأن كلمة “ثورة” تأتي معها الدماء والمواجهات وإلى ما هنالك، ولكن ما نشهده في لبنان لم نراه في أي من دول العالم التي شهدت ثورات من قبل، ولكن إذا ما أردنا أن نطلق عليها إسم “ثورة” فلا مانع، ونحن عندما بدأ الحراك وجدنا ضالتنا فيه”.
واستطرد جعجع: “في أول أسابيع التحركات الشعبيّة اقدم الثوار على إقفال الطرقات في جميع أرجاء البلاد وليس حزب “القوّات اللبنانيّة” كحزب من قام بذلك وإنما نحن لدينا أفراد في الحزب فقراء ونزلوا إلى الشارع كما باقي المواطنين ولكن “القوات” لم يصدر أي قرار بإقفال الطرق. وفي هذا الإطار، أنا أحيي كل الرفاق المشاركين في الحراك والذين كانوا دائماً تحت سقفه ويقومون بما يرونه مناسباً مع زملائهم المواطنين على الأرض”.
وأشار جعجع إلى أنه “كان بالإمكان فتح الطرقات ولكن لم تكن تحتاج المسألة هذا الكم من العنف الذي رأيناه أثناء القيام بذلك مؤخراً، فأنا رأيت مشهداً لعسكري يمسك بمواطن وقد أطبق عليه كلياً إلا أنه فجأة إنضم 4 أو 5 عساكر لهذا العسكري وبدأوا بضرب المواطن المطبق عليه أصلاً، الأمور لا تحتاج هذا الكم من العنف”.
وعما حصل مؤخراً في وسط بيروت، قال جعجع: “لا أعرف ما حصل تحديداً باعتبار أن لا معلومات لدي ولا تصلني تقارير مفصّلة من القوى الأمنيّة ولكن بحسب معرفتي بالوزيرة ريا الحسن فما شهدناه لا يعبّر عنها، كما أن تصرّف قوى الامن الداخلي منذ بدء الحراك كان مثالياً وتغيّر فجأة لذا أنا لا أعرف ولا يمكن أن أحكم على الامر لأنه في هكذا مسائل يجب على الشخص أن يكون دقيقاً. ريا الحسن كما أعرفها أنا ليست كذلك ولكن أنا لا أعرف ماذا حصل في اليومين الأخيرين. الوضعيّة بأكملها بالجملة مطروحة من أجل تغيير كبير ولا يفيد البلاد الغوص في الإتهامات الموجّهة شخصياً. الحل يجب أن يكون اليوم قبل الغد وإلا أعتقد أننا سنصل إلى الشغب الإجتماعي أكثر منه الفوضى، ويجب أن نحافظ على الجيش وقوى الأمن الداخلي فإذا ما حصل أخطاء هنا وهناك يجب أن يتم تصحيحها سريعاً باعتبار أن قيادتي هاتين القوّتين منفتختين للتصحيح فهاتين المؤسستين هما اللتين تمسكان الوضع في الوقت الراهن”.
وعن طرح “القوّات اللبنانيّة”، قال جعجع: “المطروح حكومة أخصائيين مستقلّين والصفة الثانية أهمّ بكثير من الأولى باعتبار ان المجموعات التي حكمت رأينا إلى أين أوصلت البلاد، وفي هذا الإطار نحن أقصينا انفسنا قبل الغير بغض النظر عن أننا لم نقم بأي خطأ خلال فترة تولينا الحقائب الوزاريّة، ولكننا نرى أنه إذا ما أوكلنا أصحاب الإختصاص بالمسألة، ولست أعني الأخصائيين التقنيين وإنما الشخصيات المستقلة الناجحة من أصحاب الخبرة والنجاحات في مجالات معيّنة، فنحن أغلب الظن قادرون على الخلاص مع هؤلاء”.
وتابع جعجع: “بمجرّد أن تكون الحكومة مؤلفة من مجموعة مستقلين وشخصيات ناجحة من المفترض أن يكونوا هؤلاء لديهم حد أدنى من المنطق والحد الأدنى من الحس الفعلي بالامور، إلا أن الضابط لهذه الحكومة فهو أنه ليس هناك من شخص في الكون من دون معرفة سياسيّة، كما أن أي حكومة ثقتها في مجلس النواب وعندما يبدر عنها أي شيء غير صحيح يمكن طرح الثقة بها فوراً فلماذا الخوف لدى البعض؟ الخوف فقط لان هناك بعض الناس المتمسك بحصصه بالسلطة لأن لا وجود له سوى من خلال الحصص الخدماتية والزبائنيّة”.
ورداً على من يتساءلون كيف لحكومة أخصائيين مستقليّن أن تتعاطى مع المسائل السياسيّة؟ أجاب جعجع: “بربكم أي مسائل سياسيّة هذه؟ فعلى سبيل المثال في الحكومة السابقة كان عندما يطرح وزراؤنا أي موضوع سياسي على الطاولة كان يبادرهم الرئيس الحريري بالرد عليهم بأن لدينا ما يكفي من المشاكل ولا أريد طرح المسائل السياسة في مجلس الوزراء”.
وشدد جعجع على أن “أي رئيس حكومة سيكلّف يجب أن يتم التوافق على إسمه مع الرئيس الحريري لأنه الأكثر تمثيلاً في الشارع السني ويجب أن نحترم بعضنا البعض ونحن بالأساس لا مشكلة لدينا لو تم تكليف الرئيس الحريري اليوم فالرئيس المكلّف ليس بحاجة للأكثريّة المطلقة من اجل التكليف ولم نكن على علم بان أي اسم آخر مطروح والكلام عن الغطاء المسيحي لا يصح في التكليف وإنما في الثقة باعتبار أن التكليف هو مشروع حكومة وليس حكومة”.
واعتبر جعجع أن “حكومة تكنو – سياسيّة تعني حكومة سياسيّة، فنقطة حبر في كوب المياه تغيّر لون المياه كلّها، كما ان حكومة تكنو – سياسيّة هي وصفة مؤكّدة للفشل في حين أن الفراغ يفتح أمامنا الأمل في تشكيل حكومة جيّدة، ولكن المشكلة تبقى في أن المسؤولين “حاطين روسن بروس بعضن” من دون الأخذ بعين الإعتبار ما هو حاصل في الشارع وتردي الأوضاع الإقتصاديّة”.
وتابع جعجع: “أتمنى من صديقي الرئيس الحريري إذا ما خرج من اللعبة أن يكون له اليد الطولى في تسمية الرئيس المكلّف بالشكل الذي يتماشى مع المرحلة وما هو حاصل في الشارع”.
أما عن رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، فقد أكّد جعجع أن “الوزير جنبلاط فهم ما هو حاصل على الأرض إلا أن وضعيته لا تسمح له بالحراك كما يريد”.