أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن دعوة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الموالاة والمعارضة من أجل التعاون لإنقاذ البلاد “هي بداية لنوع ما من التهرّب من المسؤوليّة باعتبار أن الحكومة هي المسؤولة حالياً ولديها كل مقومات النجاح إذا أرادت ذلك”، مشيراً إلى أن “أكثر من يمكنه مساعدة الوضعيّة اللبنانيّة في الوقت الراهن من أجل وقف التدهور وبداية عودة اقتصاد سليم للبلاد هما “حزب الله” والسيد نصرالله، الذي إذا ما أراد جدياً المساعدة على المستوى الاستراتيجي فالمسألة تتطلّب منه ثلاث خطوات، صحيح أنها ليست بالبسيطة إلا أن المعادلة اليوم هي “إما إنقاذ البلاد أو عدم إنقاذها”. الخطوة الأولى، هي رفع الغطاء عن حلفائه لأنهم أفسد الفاسدين، اما الثانية فهي الانسحاب من كل مشاكل المنطقة باعتبار أن تدخل الحزب بشكل من الأشكال في اليمن والعراق وسوريا أثّر سلباً على لبنان من الناحية الاقتصادية والماليّة لأن هذا التدخل أتى بعكس سياسات إقليميّة ودوليّة معيّنة حيث أنه بطبيعة الحال لم يعد لدى الدول المعنيّة أي مصلحة في مساعدة لبنان، فيما الخطوة الثالثة والأساسيّة فهي أن دولتنا بحاجة لاستعادة حد مقبول من مصداقيتها كي تتمكن من النهوض مجدداً وفي هذا الإطار ما من دولة يكون قرارها الاستراتيجي والعسكري خارجها والعالم ينظر لها بمصداقيّة”.
كلام جعجع، جاء خلال لقاء مع الإعلاميين في معراب، حيث لفت إلى أن ردّه هذا يأتي “بكل صراحة ومن دون أي حساسيات إيديولوجيّة باعتبار أن الخلاف الإيديولوجي موجود وواضح وليس خافياً على أحد إلا أن الحساسيّة غير موجودة، ومن دون حساسيّات شخصيّة أيضاً لأنها غير موجودة أساساً، كما من دون أي حساسيّات تنافسيّة باعتبار أن لا وجود لسباق انتخابي مباشر بيننا فنحن بالكاد موجودون معاً بشكل جزئي في منطقة من هنا او أخرى من هناك، لذا ما أطرحه بعيد كل البعد عن كل هذه الخلفيات ويأتي بشكل بسيط جداً وموضوعي جداً، لأنه في ظل التدهور المستمر في البلاد يوماً بعد يوم علينا أن نطرح الأمور بكل موضوعيّة، وعلى ما هي عليه، ليس من باب “النكاية” السياسيّة وإنما من أجل وضع النقاط على الحروف كي نرى كيف يمكننا تصحيح الأوضاع”.
وسأل جعجع: “منذ 10 سنوات ونحن موالاة ومعارضة داخل الحكومة، فماذا كانت النتيجة؟ 10 سنوات من حكومات الوحدة الوطنيّة تحت شعارات أن نجتمع جميعاً للمساهمة والمساهمة والمساهمة، فما كانت النتيجة؟ من جهة أخرى، فهل نحن من يجب ان نساعد الحكومة أم هي من يجب أن تساعدنا؟ هل إذا ما اجتمعت قوى الموالاة والمعارضة هي من سيتخذ القرارات أم أن الحكومة هي المولجة بذلك؟ هذه المرّة الأولى، منذ زمن، التي تأتي فيها حكومة من المفترض أن تكون منسجمة فهي حكومة فريق واحد بغض النظر عن تسميّة هذا الفريق إن كان يسمّى على ما يطيب لرئيس الحكومة حسان دياب فريق المستقلين أم فريق “8 آذار” أم فريق “حزب الله” و”أمل” و”التيار الوطني الحر”، مهما اختلفت التسميات إلا أن النتيجة واحدة وهي انها حكومة فريق واحد وبالتالي من المفترض أن تتمتع بكل مقومات النجاح، إنطلاقاً من هنا أسأل: بماذا مطلوب منّا كمعارضة مساعدتها؟ أهل المطلوب هو التصفيق لها؟ نحن مستعدون لذلك، ولكن بعد قيامها بأول خطوة تستحق التصفيق، أما إذا كانت المسألة متعلّقة بالآراء فهي معروفة في لبنان في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي والدراسات وجميع وسائل الإعلام”.
وتابع جعجع: “في دعوة السيد نصرالله بداية لنوع ما من التهرّب من المسؤوليّة باعتبار أن الحكومة هي المسؤولة حالياً ولديها كل مقومات النجاح إذا ما أرادت ذلك، كما أن أكثر من يمكنه مساعدة الوضعيّة اللبنانيّة في الوقت الراهن من أجل وقف التدهور وبداية عودة اقتصاد سليم للبلاد هما “حزب الله” والسيد نصرالله، وسأقول كيف: منذ 3 سنوات حتى الآن والأكثريّة النيابيّة والوزاريّة بيد “حزب الله” وحلفائه. من عرقلهم؟ أتكلّم منذ 3 سنوات عندما كنّا لا نزال نمتلك موجودات في “مصرف لبنان” بقيمة 40 أو 50 أو 60 مليار دولار وكان بين الحين والآخر يطلّ علينا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليؤكد ذلك. أنا هنا أيضاً أتكلّم منذ 3 سنوات أي قبل كل الهندسات الماليّة ، حيث كان لـ”حزب الله” وحلفائه رئيس الجمهوريّة وأكثريّة وزاريّة ليست فقط عدديّة وإنما كانوا على تعاون مع “تيار المستقبل” أيضاً وبتنسيق دائم في ما بينهم، ما يعني أنه كان لديهم أكثريّة مطلقة تفوق ثلثي الحكومة، لماذا لم يوقفوا التدهور وتركوا الأوضاع تصل إلى ما وصلت إليه؟”.
واستطرد جعجع: “إذا ما أردنا الكلام بما يمكن القيام به اليوم لأننا لسنا في صدد محاكمة بعضنا البعض على ما مضى، عندها نرى ان “حزب الله” هو الوحيد القادر على المساعدة للخروج من الوضعيّة الراهنة عبر رفعه بادئ الأمر غطاءه وتأييده عن بعض حلفائه الذين هم بالأساس وبشكل كبير جداً مسؤولون عن التدهور المالي والاقتصادي الذي وصلنا إليه اليوم. هناك بعض من يقول إن السبب يعود لـ30 أو 50 سنة إلى الوراء إلا أن هذا الكلام لا يفيد باعتبار أنه في تلك الفترة كان الجميع موجودون أيضاً في السلطة ولم تكن مقتصرة على فريق واحد، ولكننا يجب أن نركّز بشكل أساسي على السنوات الثلاث الماضية لأنه لو بدأنا باستدراك الأمور منذ ثلاث سنوات أو منذ سنتين أو منذ سنة فمن المؤكد أننا لم نكن لنصل إلى الوضعيّة التي نحن فيها الآن، فهل كان خافياً على أحد أننا واصلون إلى هذا التدهور؟ في هذا الإطار، أريد أن ألفت النظر إلى الكلمة التي ألقتها النائب ستريدا جعجع خلال جلسة الثقة عندما ذكّرت بما كانت قد قالته منذ سنة في كلمة لها في مجلس النواب وكان كلامها مطابق بشكل تام للوضع الذي نعيشه اليوم، وهذه اللفتة لأقول إنه لم يكن خافياً على أحد مسار الأوضاع وإلى أين كانت آيلة”.
وأوضح جعجع أننا “نسمع بشكل دائم مسؤولون في “حزب الله” يتكلمون عن محاربة الفساد. بربّكم أي فساد يتكلمون عنه وحلفاؤهم هم أفسد الفاسدين؟ كيف سيحاربون الفساد؟ هل هناك لدى أي أحد شك في أن أكبر فساد حصل في الدولة منذ 10 سنوات حتى اليوم هو في قطاع الكهرباء؟ هذا حليفهم، ماذا قالوا في هذا الإطار؟ كنّا نخوض المعارك في مجلس الوزراء فيما بالكاد كان وزراء الحزب يطرحون بعض الآراء الشبيهة بآرائنا وعندما نتوقف عن المواجهة كانوا فوراً يتوقفون، أما إذا ما استمريّنا فيها فكانوا جل ما يقومون به هو التمنّع عن عرقلتنا. هل من الممكن تسميّة أداء مماثل محاربة للفساد؟ بالطبع لا، وإنما محاربة الفساد تكون بقيام الحزب أولاً بردع حلفائه عن ارتكابه عبر رفع الغطاء عنهم أو عدم تأييدهم أو الإشارة بالإصبع إلى مكامن الفساد الحقيقيّة. نسمع رئيس مجلس النواب نبيه بري في اليومين المنصرمين يتكلّم عن ملف الكهرباء، أين “حزب الله” من هذه المسألة؟ فهل يصمت فقط لأنه بحاجة لتأييد “التيار الوطني الحر”؟ لا يمكننا أن نخرّب البلاد فقط من أجل هذا الأمر، فإذا ما أيّدهم الوزير جبران باسيل وانهار البلد ما حاجتهم عندها لهذا التأييد؟ وما نفع كل هذه التحالفات؟ وبالمناسبة أنا هنا أطرح “التيار الوطني الحر” على سبيل المثال لا الحصر فهناك آخرون وآخرون أيضاً”.
وشدد جعجع على أنه “إذا ما أراد “حزب الله” جدياً المساعدة على المستوى الاستراتيجي في إخراج البلاد من الوضع الراهن فالمسألة تتطلّب منه ثلاث خطوات ليست بالبسيطة إلا أن المعادلة هنا هي إنقاذ البلاد أو عدم إنقاذها، الأولى هي التي سبق لنا وذكرناها، اما الثانية فهي الانسحاب من كل مشاكل المنطقة باعتبار أن تدخل الحزب بشكل من الأشكال في اليمن والعراق وسوريا أثّر سلباً على لبنان من الناحية الاقتصادية والماليّة لأن هذا التدخل أتى بعكس سياسات إقليميّة ودوليّة معيّنة، حيث أنّه بطبيعة الحال لم يعد لدى الدول المعنيّة أي مصلحة في مساعدة لبنان، لأنه ما من دولة في العالم تساعد دولة أخرى فيها فريق أساسي يقاتل في حرب ضدّها”.
وأوضح جعجع أن “الأوضاع اليوم في البلاد لم تعد تسمح باستمرار هذا التدخل. وهنا أسأل: ماذا يمكن أن يحدث إذا ما انسحب “حزب الله” من اليمن والعراق وسوريا، هل ستنهار هذه الدول؟ بطبيعة الحال لا، لأنها دول تاريخيّة لطالما كانت موجودة، كما أنه يمكن لإيران إرسال نصف فرقة لسدّ الفراغ مكان كل مقاتلي الحزب المنتشرين في جميع هذه البلدان في حال انسحبوا كي نتمكّن من الاهتمام بأمورنا”. وأضاف: “الخطوة الثالثة والأساسيّة هي أن دولتنا بحاجة لاستعادة حد مقبول من مصداقيتها كي تتمكن من النهوض مجدداً وفي هذا الإطار ما من دولة يكون قرارها الاستراتيجي والعسكري خارجها والعالم ينظر لها بمصداقيّة، لأنه ما من دولة تساعد أخرى إلا أذا كان لها مصلحة استراتيجيّة معها”.
وختم جعجع: “إن أكثر من يمكنه المساعدة على انتشال لبنان من الأزمة الاقتصادية الماليّة التي يتخبّط فيها هو “حزب الله” من خلال هذه الخطوات الثلاث، لذا أتمنى على السيد نصرالله أن يتعمّق بالتفكير فيها، لأنه إذا ما أراد المساعدة فهذه هي الطريقة للقيام بذلك وليس عبر جمع “المستقبل” و”القوات” و”الاشتراكي” مع “حزب الله” و”أمل” والباقين ومن ثم نقول لهم هيا ساعدوا الحكومة”.