اكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “جميع الأفرقاء الذين حضروا اجتماعات بكركي اتفقوا على أن أنسب حل لمسألة الدرجات الست بعد مراجعتهم الأساتذة والمدارس هو إعطاء هذه الدرجات للأساتذة الثانويين فقط إلا أنه للأسف تنكّر أصحاب الإقتراح لإقتراحهم ورموا المسؤولية علينا في الوقت الذي كان موقفنا واضح منه بإن لا مانع لدينا بالسير به في حال توافق عليه الجميع”. وأشار إلى أن “باقي الأفرقاء يريدون التنصل من المسؤوليّة وجل ما يسعون وراءه هو لعب دور البطولة أمام الأساتذة وبكركي والأهل والمدارس في آن معاً ويُسمعون كل طرف من هذه الأطراف ما يطيب له من مواقف”.
كلام جعجع جاء خلال لقائه وفداً من مصلحة المعلمين في “القوّات اللبنانيّة” في حضور الأمين المساعد لشؤون المصالح د. غسان يارد، رئيس المصلحة رمزي بطيش، أعضاء مكتب المصلحة والفائزين في مختلف الإنتخابات النقابية عن “القوّات”.
وأوضح جعجع أن “بكركي دعت جميع الأحزاب المسيحيّة إلى اجتماعات متتالية من أجل معالجة المشكلة التي تعاني منها المدارس الكاثوليكيّة خصوصاً في مناطق الأطراف محاولة البحث عن طريقة مجدية من أجل التوفيق ما بين مطالب الأساتذة ووضع المدارس وأدرك تماماً أن هناك من لديه حساسيّة إزاء بعض هذه المدارس إلا أنها في نهاية المطاف مؤسسسات مهمة جداً في مجتمعنا وبالتالي علينا المحافظة عليها”.
وتوجه جعجع إلى الأساتذة بالقول: “من حقّكم التفكير بالطريقة التي تفكرون فيها إلا أن عليكم أن تعوا أننا من حقنا أيضاً أن نرى المشكلة من جميع جوانبها وليس من منظار واحد إذ علينا أن نراها من منظار الأساتذة والمدارس والأهل لأنه كما أن هناك أساتذة في حزب “القوّات” هناك أيضاً أهل وإدارات مدارس وبالإضافة إلى ذلك يجب دائماً أن يكون لدينا نظرة عامة للمسائل وإحساس بالصالح العام فنحن لا نتخذ المواقف في مسائل مماثلة من دون التشاور مع الجميع وبالطبع أنتم باعتبار أنكم جزء أساسي من هذه المشكلة”.
وتابع جعجع: “بعد اجتماع التكتل والهيئة التنفيذيّة كلّفنا النائبين شوقي الدكاش وأنطوان حبشي متابعة هذه القضيّة وحضور اجتماعات بكركي حيث توصل جميع الأفرقاء بعد العديد من النقاشات إلى حل إعطاء الدرجات الست للأساذة الثانويين فقط وذلك بعد مراجعة الأساتذة والمدارس فما كان من الدكاش وحبشي إلا ان أكدا خلال الإجتماعات أنه إذا كان هذا هو الحل الذي يوافق عليه الجميع فنحن لا مانع لدينا ولكننا سنكون آخر من يوافق عليه باعتبار أن شرطنا الأساس هو توافق الجميع عليه”.
وأشار جعجع إلى اننا “بعد ما حصل من تنصل من قبل الأفرقاء الآخرين لما كانوا هم اقترحوه أساساً فنحن لم نعد متحمسين للمشاركة في اجتماعات بكركي وسيبلغ النائب دكاش غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أنه ليس بهذه الطريقة تحل القضايا فنحن لا يمكننا حضور هذه الإجتماعات إذا كان هناك من يحوّر وجهات النظر ويطرحها بالشكل الذي يتناسب مع مصالحه السياسي من أجل المزايدات لا أكثر في حين أننا جل ما نريده نحن هو التوصل إلى ما فيه مصلحة الجميع”.
ولفت جعجع إلى أننا “لا نعيش اليوم في وطن بكل ما للكلمة من معنى، نعيش على أرض فيها مشروع وطن وآباؤنا وأجدادنا ناضلوا من أجل أن يكون لدينا فيها وطن ولو لم نصل إلى هذه المرحلة بعد وبالتالي علينا بالدرجة الأولى العمل على الوصول إلى الوطن، فنحن لو أخذنا الدرجات الست وانهارت الليرة فماذا نكون فاعلون؟ عندها يصبح مرتب كل أستاذ منكم يساوي نصف مرتبه اليوم من ناحية القوّة الشرائيّة وفي هذا الأطار لنفترض أن الدولة أقرت سلسلة الرتب والرواتب للجميع وليس هناك مال متوفر في خزينة الدولة لتغطيتها فما الجدوى في ذلك؟ لذا عليكم بالدرجة الأولى أن تدركوا أن القيادة الحزبية عليها العمل على صعيد الوضع العام ككل ماذا وإلا نكون جل ما نقوم به هو خيانتكم فنحن لا يمكننا ان نكون شعبويين ولو أننا خسرنا في أوقات كثيرة بسبب هذا الأمر إلا أن جل ما يمكنني أن أقوله لكم هو النظر إلى أين أودت بنا الشعبويّة التي دامت 30 عاماً وعندما وضعت أمام الإمتحان حيث يكرم المرء أو يهام أحرق جورج زريق نفسه الأمر الذي لم نشهده يوماً في تاريخ لبنان الحديث”.
وشدد جعجع على أن “التاريخ يمهل قليلاً إلا أنه لا يهمل أبداً لذا أقصى طموحاتنا أن نبقى صادقين مع أنفسنا قبل أي شيء آخر وليس السعي وراء كسب النقاط الآنية إذ جل ما يهمني هو أن ممارسة قناعاتي والقيام بما أراه صواباً ويقع في الصالح العام وليس اعتماد نهج المسايرة باعتبار أنه لو حصلنا كل ما أمكننا تحصيله من مطالب في هذه الدنيا وأصبحنا غرباء في وطننا فهذا لن يفيدنا في شيء”.
وأوضح جعجع أن “ما نراه اليوم ليس بدولة فقرار السلم والحرب والأمن والإستراتيجيّة ليس بيدها، الأمر الذي يحوّلها إلى بلديّة كبيرة في مكان ما”، لافتاً إلى أن “هناك من يتهمنا جراء موقفنا هذا بأننا مع العدو الصهيوني إلا أنه في الحقيقة طريقة تصرّف هذا البعض هي ما أوصلت العدو الصهيوني إلى ما هو عليه اليوم فيما أكثر ما أزعج وأرعب هذا العدو ليس تلك الخربشات التي يقومون بها وإنما ما قامت به دولة الإمارات العربيّة المتحدة منذ أسبوعين باستقبالها البابا فرنسيس والمظاهرة التي شهدناها، وإذا هناك من أمر يرعب إسرائيل فعلياً فهو هذا الحدث وبعض التصرفات العربيّة هي التي تضايقها بشكل مباشر وليس تلك الخنفشاريات والمزايدات والشعبويات فالجميع يعرف أن إسرائيل من دون غطاء المجتمع الدولي ليست بالشيء المهم وإنما هي على قدر ما هي عليه لا أكثر في حين أنهم يدعون مواجهتها وينقضون بشكل يومي على المجتمع الدولي لذا فإن كل ما نسمعه في هذا الإطار لا يعدو كونه للإسهلاك الداخلي لا أكثر”.
وتابع جعجع: “إن التحديين الأساسيين اللذين يقفان في وجه مشروع الوطن هما إقامة دولة بكل ما للكلمة من معنى حيث لا يعلو قانونها أي قانون آخر ولا صوت يعلو فوق صوتها لا أن يكون المبدأ السائد فيها هو “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”. أما التحدي الثاني فهو إدارة الدولة والمشكلة هنا تكمن بأن الإدارة سيئة إلى حد أنها تخرّب الوضع أكثر من عدم وجود الدولة أو وجود دويلة داخل الدولة فمصداقيتنا العربيّة والدوليّة أنعدمت جراء سوء إدارتنا للدولة ولن نتمكن من الحصول على فلس واحد من مؤتمر “سيدر” من دون إنجاز الإصلاحات مسبقاً وهذا لأن لا ثقة للمانحين بنا فنحن اقترضنا سابقاً مراراً وتكراراً بناءً على وعود بالإصلاح ولم نحرّك ساكناً في هذا الإتجاه”.
ورأى جعجع أنه “لو اقتصر الأمر على تحدي وجود الدويلة فقط لكان الأمر أسهل علينا بكثير للوصول إلى الوطن الذي نريده إلا انه مع انعدام إدارة الدولة فقد أصبح الأمر أصعب بكثير باعتبار أنه لو كان الآخرون يعملون على بناء دولة فعليّة في ظل وجود الدويلة لكان هذا الأمر وحده بمثابة الحل لوجود تلك الدويلة”.
وذكّر جعجع بأنه “في ستينيات القرن الماضي، في أيام المارونيّة السياسيّة التي هاجموها بشكل كبير، وأنا لا أقول أننا يجب أن نعود إليها ولكن كان آن ذاك رئيس وزراء سنغافورة التي تعد اليوم من أنجح الدول بدخل قومي قرابة الـ300 مليار دولار سنوياً بتعداد سكاني قرابة الـ10 مليون نسمة، كان يقول إنهم يريدون وضع كامل جهدهم في العمل من أجل أن تتحوّل سنغفورة إلى لبنان آسيا وللأسف انظروا اليوم أين أصبحنا وأين أصبحت سنغفورة”.
وأردف جعجع: “نحن كـ”قوّات لبنانيّة” لدينا اليوم هاذين التحديين وأولهما استراتيجي مرتبط بلبنان والمنطقة ومتشعب جداً لذا علينا الرسوخ في مكاننا والصمود من أجل أن نرى كيف من الممكن حلّه أما التحدي الآخر الذي من الممكن حله فوراً وهو طريقة أدارة الدولة وهذا هو سبب التوتر الذي شهدته علاقاتنا مع حلفائنا الجدد والبعض من حلفائنا القدامى”.
وكان قد استهل جعجع كلمته بالإشادة بـ”الإنجازات التي حققتها هذه المصلحة كبيرة جداً وقد اسطاعة القيام بها في وقت قصير جداً إلا أن ما أحاول القيام به اليوم هو الخروج معكم من اهتماماتنا اليوميّة من أجل النظر إلى الصورة الكبرى”.
ولفت إلى أن “الجميع لديه اهتمامات يوميّة كبيرة ويعاني الأمرّين إنطلاقاً من الوضع الذي نعيشه وشهدنا مؤخراً في هذا الصدد مواطناً إسمه جورج زريق يقدم على إحراق نفسه جراء الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأمر الذي يدل على المعاناة اليومية التي يمر فيها كل فرد منا ولكن هذا الأمر يجب ألا يمنعنا من اتخاذ خطوة واحدة إلى الوراء من أجل النظر إلى الصورة بشكل عام وبالتالي رؤية الأمور بشكل أوضح لكي نبني على الشيء مقتضاه”.
وتابع جعجع: “صحيح أن مهنتكم هي التعليم إلا أنكم قبل أن تكونوا معلمات ومعلمين أنتم “قوات لبنانيّة” ونحن لسنا حزباً بالمعنى التقليدي للكلمة على ما هو متعارف عليه لدى الأحزاب الأخرى مع احترامي لجميعها فالأفراد تنضم إلى الأحزاب إيماناً منها بفكر معيّن أو عقيدة معيّنة إلا أنني لم أر في العالم أجمع فرداً واحداً ينضم إلى حزب ما ويموت جراء انضمامه لهذا الحزب أو يسجن ويضطهد ويطرد من منزله وإن عدنا فقط إلى مرحلة ما بعد الحرب لوجدنا أن آلاف من رفاقنا اضطروا على الهرب خارج لبنان من دون أوراق ثبوتية أو فلس واحد والتشتت في جميع أصقاع العالم هرباً من سلطة الوصاية الموجودة وهذا ما يدل على أننا لسنا مجرّد حزب عادي وإنما ضمير مجموعة حيّة تناضل من أجل إبقاء لبنان وشعبه أحياء”.
وأوضح جعجع أنه لا وجود “لشعب حي بكامل أفراده فالشعوب تتشابه مع بعضها البعض إلا أن ما يميّزها عن بعضها هو وجود قلّة مناضلة في عدد منها تقود الشعب لإيصاله إلى شاطئ الامان فيما الأكثرية لا تكون مشاركة في هذا النضال بشكل مباشر وإنما جل ما فيه أنها تؤيده وهنا يكمن الفرق بين المجتمعات، فتلك التي قيّد لها أن تستمر عبر التاريخ هي تلك التي كانت تضم هذه القلة القليلة المناضلة التي تكافح بشكل مستمر من أجل الصالح العام فيما الأكثرية كان ينطبق عليها قول المتنبي “نامت نواطير مصر عن ثعالبها” والعكس صحيح أيضاً فسبب اندثار بعض المجتمعات عبر التاريخ هو عدم وجود قلّة قليلة فيها تحمل القضيّة كقضيّة وبالتالي أصبح أفرادها يتسابقون على من يريد إرضاء الخليفة أو الحاكم العسكري الأمر الذي أدى إلى النتيجة التي كنا قد انطلقنا منها وهي أن لا استمرار للمجتمع من دون القلة القليلة المناضلة فعندما ينعدم الناشطون منه ينعدم هذا المجتمع بأكمله وما حصل بالأزيديين في العراق وسوريا هو أبرز مثال على ذلك بحيث تمت إبادة هذا الشعب بشكل شبه كامل والبقيّة القليلة المتبقيّة لا تجد لها مكاناً للعودة إلى موطنها الأساس في جبال سنجار في العراق والسبب هو أن هذا الشعب المسالم كان يعتبر نفسه بحكم أنه مسالماً بمنأى عن أي خطر لذا كان ينصرف للأعمال المدنية الإقتصاديّة والثقافيّة إلا أنه لم يدرك أن هذا الشرق الأوسط لا يزال متوحشاً وأول موجة إرهاب ضربت المنطقة أخذت بطريقها هذا الشعب”.
واستطرد جعجع: “أي شعب في هذه المنطقة إن كان أقليّة أم أكثريّة عليه ان يكون حاضراً في كل زمان ومكان وها قد رأينا ما تعرّض له سنة سوريا الذين يشكلون الأكثريّة من كارثة إنسانيّة كاملة لأنهم لم يكونوا حاضرين فعلى الأقل سقط قرابة الـ600 أو 700 الف قتيل وهجّر قرابة الـ10 ملايين شخص ما بين الخارج والداخل وهذا كله لأن هذا الشعب لم يكن يضم قلّة قليلة تسهر عليه عندما يكون جميع الآخرين في سبات عميق لتحضّر وتتابع مجريات الأمور وتجهّز من أجل استباق الأحداث. وإذا ما انتقلنا إلى المثال المعاكس نرى أنه لو لم يكن هناك في لبنان عام 1975 قلّة قليلة جاهزة وحاضرة لكان مصيرنا مشابه تماماً لمصير الأزيديين ولما كانت عادت لتقوم لنا قائمة وبالتالي من أجل الحفاظ على لبنان وطن حرّ ودولة قائمة بحد ذاتها يعيش فيها الفرد بكرامة في ظل التحديات التي نمرّ بها اليوم يجب أن يكون لدينا بشكل دائم قلّة قليلة جاهزة وتتحرّك إن كان في أيام السلم أو في حال لا سمح الله تعرّضت البلاد لأي طارئ”.
وشدد جعجع على أن “رهاننا الأساسي والوحيد هو على الجيش اللبناني والدولة إلا أنه إذا لا سمح الله في أي وقت من الأوقات لم يعد هناك جيش أو دولة فلا ينتظرنّ منا أحد أن نلف حول رقابنا الأوشحة البيضاء ونرحل لا بل العكس تماماً وسنفعل ما فعلناه في مناسبات عدّة أخرى”.
وشدد جعجع على أننا “لا يمكن أن نعطي تعريفاً بسيطاً لما هي “القوّات اللبنانيّة” من دون استعراض كل ما تقدّم فنحن من الممكن أن نتلهى في المطالب المعيشيّة من وقت إلى آخر وهذا الأمر ضروري جداً لأنه “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” على ما ورد في الإنجيل المقدس لذا يمكن أن نقول “ليس بالقضيّة وحدها يحيا الإنسان” فنحن لدينا حاجيات معيشيّة إلا أن الأهم هو ألا نتلهى بهذه الحاجيات لننسى كل شيء آخر وتغيب عن أذهاننا الصورة الكبرى لتنحصر الرؤية لدينا فقط بهذه القضايا المعيشية فعلّة وجودنا بشكل أساسي هي نظرتنا هذه للأمور”.
وهنأ جعجع خلال كلمته “الفائزين في الإنتخابات النقابيّة في كل المناطق وعن جميع القطاعات النقابيّة التربوية ومن خلالهم رئيس المصلحة الذي منذ تعيينه أعطى دفعاً جديداً لهذه المصلحة مع العلم أن جميع رفاقنا الذين تعاقبوا على رئاسة مصلحة المعلمين في الحزب لم يقصروا أبداً في واجباتهم كما أضم صوتي إلى صوته في ما يتعلّق بجهود د. يارد الذي يكرّس وقتاً من أجل متابعة أوضاع المصالح وتحديداً مصلحة المعلمين أكثر من الوقت الذي يخصصه لعائلته”.
وختم جعجع: “للتاريخ خط بياني واضح يدل على انه في نهاية المطاف لن يصح إلا الصحيح وسنصل في لبنان إلى ما نريد، اللهم إن ثبتنا في مواقفنا وبقينا نطالب بشكل مستمر لأنه عندما تنوجد جماعة مؤمنة بنفسها وبمشروعها ولديها هدف تضعه نصب عينيها وتستمر بالنضال رغم صعوبة التحديات والظروف فهذه الجماعة لا بد أن تصل إلى أهدافها، إنطلاقاً من هنا أنا لست متشائماً أبداً لأن كل ما نراه اليوم يأتي بعكس اتجاه التاريخ”.
كلام جعجع جاء خلال لقائه وفداً من مصلحة المعلمين في “القوّات اللبنانيّة” في حضور الأمين المساعد لشؤون المصالح د. غسان يارد، رئيس المصلحة رمزي بطيش، أعضاء مكتب المصلحة والفائزين في مختلف الإنتخابات النقابية عن “القوّات”.
وأوضح جعجع أن “بكركي دعت جميع الأحزاب المسيحيّة إلى اجتماعات متتالية من أجل معالجة المشكلة التي تعاني منها المدارس الكاثوليكيّة خصوصاً في مناطق الأطراف محاولة البحث عن طريقة مجدية من أجل التوفيق ما بين مطالب الأساتذة ووضع المدارس وأدرك تماماً أن هناك من لديه حساسيّة إزاء بعض هذه المدارس إلا أنها في نهاية المطاف مؤسسسات مهمة جداً في مجتمعنا وبالتالي علينا المحافظة عليها”.
وتوجه جعجع إلى الأساتذة بالقول: “من حقّكم التفكير بالطريقة التي تفكرون فيها إلا أن عليكم أن تعوا أننا من حقنا أيضاً أن نرى المشكلة من جميع جوانبها وليس من منظار واحد إذ علينا أن نراها من منظار الأساتذة والمدارس والأهل لأنه كما أن هناك أساتذة في حزب “القوّات” هناك أيضاً أهل وإدارات مدارس وبالإضافة إلى ذلك يجب دائماً أن يكون لدينا نظرة عامة للمسائل وإحساس بالصالح العام فنحن لا نتخذ المواقف في مسائل مماثلة من دون التشاور مع الجميع وبالطبع أنتم باعتبار أنكم جزء أساسي من هذه المشكلة”.
وتابع جعجع: “بعد اجتماع التكتل والهيئة التنفيذيّة كلّفنا النائبين شوقي الدكاش وأنطوان حبشي متابعة هذه القضيّة وحضور اجتماعات بكركي حيث توصل جميع الأفرقاء بعد العديد من النقاشات إلى حل إعطاء الدرجات الست للأساذة الثانويين فقط وذلك بعد مراجعة الأساتذة والمدارس فما كان من الدكاش وحبشي إلا ان أكدا خلال الإجتماعات أنه إذا كان هذا هو الحل الذي يوافق عليه الجميع فنحن لا مانع لدينا ولكننا سنكون آخر من يوافق عليه باعتبار أن شرطنا الأساس هو توافق الجميع عليه”.
وأشار جعجع إلى اننا “بعد ما حصل من تنصل من قبل الأفرقاء الآخرين لما كانوا هم اقترحوه أساساً فنحن لم نعد متحمسين للمشاركة في اجتماعات بكركي وسيبلغ النائب دكاش غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أنه ليس بهذه الطريقة تحل القضايا فنحن لا يمكننا حضور هذه الإجتماعات إذا كان هناك من يحوّر وجهات النظر ويطرحها بالشكل الذي يتناسب مع مصالحه السياسي من أجل المزايدات لا أكثر في حين أننا جل ما نريده نحن هو التوصل إلى ما فيه مصلحة الجميع”.
ولفت جعجع إلى أننا “لا نعيش اليوم في وطن بكل ما للكلمة من معنى، نعيش على أرض فيها مشروع وطن وآباؤنا وأجدادنا ناضلوا من أجل أن يكون لدينا فيها وطن ولو لم نصل إلى هذه المرحلة بعد وبالتالي علينا بالدرجة الأولى العمل على الوصول إلى الوطن، فنحن لو أخذنا الدرجات الست وانهارت الليرة فماذا نكون فاعلون؟ عندها يصبح مرتب كل أستاذ منكم يساوي نصف مرتبه اليوم من ناحية القوّة الشرائيّة وفي هذا الأطار لنفترض أن الدولة أقرت سلسلة الرتب والرواتب للجميع وليس هناك مال متوفر في خزينة الدولة لتغطيتها فما الجدوى في ذلك؟ لذا عليكم بالدرجة الأولى أن تدركوا أن القيادة الحزبية عليها العمل على صعيد الوضع العام ككل ماذا وإلا نكون جل ما نقوم به هو خيانتكم فنحن لا يمكننا ان نكون شعبويين ولو أننا خسرنا في أوقات كثيرة بسبب هذا الأمر إلا أن جل ما يمكنني أن أقوله لكم هو النظر إلى أين أودت بنا الشعبويّة التي دامت 30 عاماً وعندما وضعت أمام الإمتحان حيث يكرم المرء أو يهام أحرق جورج زريق نفسه الأمر الذي لم نشهده يوماً في تاريخ لبنان الحديث”.
وشدد جعجع على أن “التاريخ يمهل قليلاً إلا أنه لا يهمل أبداً لذا أقصى طموحاتنا أن نبقى صادقين مع أنفسنا قبل أي شيء آخر وليس السعي وراء كسب النقاط الآنية إذ جل ما يهمني هو أن ممارسة قناعاتي والقيام بما أراه صواباً ويقع في الصالح العام وليس اعتماد نهج المسايرة باعتبار أنه لو حصلنا كل ما أمكننا تحصيله من مطالب في هذه الدنيا وأصبحنا غرباء في وطننا فهذا لن يفيدنا في شيء”.
وأوضح جعجع أن “ما نراه اليوم ليس بدولة فقرار السلم والحرب والأمن والإستراتيجيّة ليس بيدها، الأمر الذي يحوّلها إلى بلديّة كبيرة في مكان ما”، لافتاً إلى أن “هناك من يتهمنا جراء موقفنا هذا بأننا مع العدو الصهيوني إلا أنه في الحقيقة طريقة تصرّف هذا البعض هي ما أوصلت العدو الصهيوني إلى ما هو عليه اليوم فيما أكثر ما أزعج وأرعب هذا العدو ليس تلك الخربشات التي يقومون بها وإنما ما قامت به دولة الإمارات العربيّة المتحدة منذ أسبوعين باستقبالها البابا فرنسيس والمظاهرة التي شهدناها، وإذا هناك من أمر يرعب إسرائيل فعلياً فهو هذا الحدث وبعض التصرفات العربيّة هي التي تضايقها بشكل مباشر وليس تلك الخنفشاريات والمزايدات والشعبويات فالجميع يعرف أن إسرائيل من دون غطاء المجتمع الدولي ليست بالشيء المهم وإنما هي على قدر ما هي عليه لا أكثر في حين أنهم يدعون مواجهتها وينقضون بشكل يومي على المجتمع الدولي لذا فإن كل ما نسمعه في هذا الإطار لا يعدو كونه للإسهلاك الداخلي لا أكثر”.
وتابع جعجع: “إن التحديين الأساسيين اللذين يقفان في وجه مشروع الوطن هما إقامة دولة بكل ما للكلمة من معنى حيث لا يعلو قانونها أي قانون آخر ولا صوت يعلو فوق صوتها لا أن يكون المبدأ السائد فيها هو “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”. أما التحدي الثاني فهو إدارة الدولة والمشكلة هنا تكمن بأن الإدارة سيئة إلى حد أنها تخرّب الوضع أكثر من عدم وجود الدولة أو وجود دويلة داخل الدولة فمصداقيتنا العربيّة والدوليّة أنعدمت جراء سوء إدارتنا للدولة ولن نتمكن من الحصول على فلس واحد من مؤتمر “سيدر” من دون إنجاز الإصلاحات مسبقاً وهذا لأن لا ثقة للمانحين بنا فنحن اقترضنا سابقاً مراراً وتكراراً بناءً على وعود بالإصلاح ولم نحرّك ساكناً في هذا الإتجاه”.
ورأى جعجع أنه “لو اقتصر الأمر على تحدي وجود الدويلة فقط لكان الأمر أسهل علينا بكثير للوصول إلى الوطن الذي نريده إلا انه مع انعدام إدارة الدولة فقد أصبح الأمر أصعب بكثير باعتبار أنه لو كان الآخرون يعملون على بناء دولة فعليّة في ظل وجود الدويلة لكان هذا الأمر وحده بمثابة الحل لوجود تلك الدويلة”.
وذكّر جعجع بأنه “في ستينيات القرن الماضي، في أيام المارونيّة السياسيّة التي هاجموها بشكل كبير، وأنا لا أقول أننا يجب أن نعود إليها ولكن كان آن ذاك رئيس وزراء سنغافورة التي تعد اليوم من أنجح الدول بدخل قومي قرابة الـ300 مليار دولار سنوياً بتعداد سكاني قرابة الـ10 مليون نسمة، كان يقول إنهم يريدون وضع كامل جهدهم في العمل من أجل أن تتحوّل سنغفورة إلى لبنان آسيا وللأسف انظروا اليوم أين أصبحنا وأين أصبحت سنغفورة”.
وأردف جعجع: “نحن كـ”قوّات لبنانيّة” لدينا اليوم هاذين التحديين وأولهما استراتيجي مرتبط بلبنان والمنطقة ومتشعب جداً لذا علينا الرسوخ في مكاننا والصمود من أجل أن نرى كيف من الممكن حلّه أما التحدي الآخر الذي من الممكن حله فوراً وهو طريقة أدارة الدولة وهذا هو سبب التوتر الذي شهدته علاقاتنا مع حلفائنا الجدد والبعض من حلفائنا القدامى”.
وكان قد استهل جعجع كلمته بالإشادة بـ”الإنجازات التي حققتها هذه المصلحة كبيرة جداً وقد اسطاعة القيام بها في وقت قصير جداً إلا أن ما أحاول القيام به اليوم هو الخروج معكم من اهتماماتنا اليوميّة من أجل النظر إلى الصورة الكبرى”.
ولفت إلى أن “الجميع لديه اهتمامات يوميّة كبيرة ويعاني الأمرّين إنطلاقاً من الوضع الذي نعيشه وشهدنا مؤخراً في هذا الصدد مواطناً إسمه جورج زريق يقدم على إحراق نفسه جراء الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأمر الذي يدل على المعاناة اليومية التي يمر فيها كل فرد منا ولكن هذا الأمر يجب ألا يمنعنا من اتخاذ خطوة واحدة إلى الوراء من أجل النظر إلى الصورة بشكل عام وبالتالي رؤية الأمور بشكل أوضح لكي نبني على الشيء مقتضاه”.
وتابع جعجع: “صحيح أن مهنتكم هي التعليم إلا أنكم قبل أن تكونوا معلمات ومعلمين أنتم “قوات لبنانيّة” ونحن لسنا حزباً بالمعنى التقليدي للكلمة على ما هو متعارف عليه لدى الأحزاب الأخرى مع احترامي لجميعها فالأفراد تنضم إلى الأحزاب إيماناً منها بفكر معيّن أو عقيدة معيّنة إلا أنني لم أر في العالم أجمع فرداً واحداً ينضم إلى حزب ما ويموت جراء انضمامه لهذا الحزب أو يسجن ويضطهد ويطرد من منزله وإن عدنا فقط إلى مرحلة ما بعد الحرب لوجدنا أن آلاف من رفاقنا اضطروا على الهرب خارج لبنان من دون أوراق ثبوتية أو فلس واحد والتشتت في جميع أصقاع العالم هرباً من سلطة الوصاية الموجودة وهذا ما يدل على أننا لسنا مجرّد حزب عادي وإنما ضمير مجموعة حيّة تناضل من أجل إبقاء لبنان وشعبه أحياء”.
وأوضح جعجع أنه لا وجود “لشعب حي بكامل أفراده فالشعوب تتشابه مع بعضها البعض إلا أن ما يميّزها عن بعضها هو وجود قلّة مناضلة في عدد منها تقود الشعب لإيصاله إلى شاطئ الامان فيما الأكثرية لا تكون مشاركة في هذا النضال بشكل مباشر وإنما جل ما فيه أنها تؤيده وهنا يكمن الفرق بين المجتمعات، فتلك التي قيّد لها أن تستمر عبر التاريخ هي تلك التي كانت تضم هذه القلة القليلة المناضلة التي تكافح بشكل مستمر من أجل الصالح العام فيما الأكثرية كان ينطبق عليها قول المتنبي “نامت نواطير مصر عن ثعالبها” والعكس صحيح أيضاً فسبب اندثار بعض المجتمعات عبر التاريخ هو عدم وجود قلّة قليلة فيها تحمل القضيّة كقضيّة وبالتالي أصبح أفرادها يتسابقون على من يريد إرضاء الخليفة أو الحاكم العسكري الأمر الذي أدى إلى النتيجة التي كنا قد انطلقنا منها وهي أن لا استمرار للمجتمع من دون القلة القليلة المناضلة فعندما ينعدم الناشطون منه ينعدم هذا المجتمع بأكمله وما حصل بالأزيديين في العراق وسوريا هو أبرز مثال على ذلك بحيث تمت إبادة هذا الشعب بشكل شبه كامل والبقيّة القليلة المتبقيّة لا تجد لها مكاناً للعودة إلى موطنها الأساس في جبال سنجار في العراق والسبب هو أن هذا الشعب المسالم كان يعتبر نفسه بحكم أنه مسالماً بمنأى عن أي خطر لذا كان ينصرف للأعمال المدنية الإقتصاديّة والثقافيّة إلا أنه لم يدرك أن هذا الشرق الأوسط لا يزال متوحشاً وأول موجة إرهاب ضربت المنطقة أخذت بطريقها هذا الشعب”.
واستطرد جعجع: “أي شعب في هذه المنطقة إن كان أقليّة أم أكثريّة عليه ان يكون حاضراً في كل زمان ومكان وها قد رأينا ما تعرّض له سنة سوريا الذين يشكلون الأكثريّة من كارثة إنسانيّة كاملة لأنهم لم يكونوا حاضرين فعلى الأقل سقط قرابة الـ600 أو 700 الف قتيل وهجّر قرابة الـ10 ملايين شخص ما بين الخارج والداخل وهذا كله لأن هذا الشعب لم يكن يضم قلّة قليلة تسهر عليه عندما يكون جميع الآخرين في سبات عميق لتحضّر وتتابع مجريات الأمور وتجهّز من أجل استباق الأحداث. وإذا ما انتقلنا إلى المثال المعاكس نرى أنه لو لم يكن هناك في لبنان عام 1975 قلّة قليلة جاهزة وحاضرة لكان مصيرنا مشابه تماماً لمصير الأزيديين ولما كانت عادت لتقوم لنا قائمة وبالتالي من أجل الحفاظ على لبنان وطن حرّ ودولة قائمة بحد ذاتها يعيش فيها الفرد بكرامة في ظل التحديات التي نمرّ بها اليوم يجب أن يكون لدينا بشكل دائم قلّة قليلة جاهزة وتتحرّك إن كان في أيام السلم أو في حال لا سمح الله تعرّضت البلاد لأي طارئ”.
وشدد جعجع على أن “رهاننا الأساسي والوحيد هو على الجيش اللبناني والدولة إلا أنه إذا لا سمح الله في أي وقت من الأوقات لم يعد هناك جيش أو دولة فلا ينتظرنّ منا أحد أن نلف حول رقابنا الأوشحة البيضاء ونرحل لا بل العكس تماماً وسنفعل ما فعلناه في مناسبات عدّة أخرى”.
وشدد جعجع على أننا “لا يمكن أن نعطي تعريفاً بسيطاً لما هي “القوّات اللبنانيّة” من دون استعراض كل ما تقدّم فنحن من الممكن أن نتلهى في المطالب المعيشيّة من وقت إلى آخر وهذا الأمر ضروري جداً لأنه “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” على ما ورد في الإنجيل المقدس لذا يمكن أن نقول “ليس بالقضيّة وحدها يحيا الإنسان” فنحن لدينا حاجيات معيشيّة إلا أن الأهم هو ألا نتلهى بهذه الحاجيات لننسى كل شيء آخر وتغيب عن أذهاننا الصورة الكبرى لتنحصر الرؤية لدينا فقط بهذه القضايا المعيشية فعلّة وجودنا بشكل أساسي هي نظرتنا هذه للأمور”.
وهنأ جعجع خلال كلمته “الفائزين في الإنتخابات النقابيّة في كل المناطق وعن جميع القطاعات النقابيّة التربوية ومن خلالهم رئيس المصلحة الذي منذ تعيينه أعطى دفعاً جديداً لهذه المصلحة مع العلم أن جميع رفاقنا الذين تعاقبوا على رئاسة مصلحة المعلمين في الحزب لم يقصروا أبداً في واجباتهم كما أضم صوتي إلى صوته في ما يتعلّق بجهود د. يارد الذي يكرّس وقتاً من أجل متابعة أوضاع المصالح وتحديداً مصلحة المعلمين أكثر من الوقت الذي يخصصه لعائلته”.
وختم جعجع: “للتاريخ خط بياني واضح يدل على انه في نهاية المطاف لن يصح إلا الصحيح وسنصل في لبنان إلى ما نريد، اللهم إن ثبتنا في مواقفنا وبقينا نطالب بشكل مستمر لأنه عندما تنوجد جماعة مؤمنة بنفسها وبمشروعها ولديها هدف تضعه نصب عينيها وتستمر بالنضال رغم صعوبة التحديات والظروف فهذه الجماعة لا بد أن تصل إلى أهدافها، إنطلاقاً من هنا أنا لست متشائماً أبداً لأن كل ما نراه اليوم يأتي بعكس اتجاه التاريخ”.