أشار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى حديث جرى بينه وبين رئيس الحكومة سعد الحريري حول التعيينات، قائلاً، “سألني الحريري، ماذا تريدون من التعيينات؟ أجبته، نريد اتباع آلية في التعيينات ولا نريد شيئاً منها. عاد الحريري وسأل، ماذا لو لم يتم تعيين أحد من حصتكم من خلال الآلية؟ فقلت له، اتبعوا آلية في التعيينات ولا نريد أحداً لنا”.
وشدد جعجع على أن “الآلية في التعيينات تسمح بتوظيف أشخاص لكل البلد، لأن لا فضل لأحد عليهم، وبالتالي سيكون هؤلاء المعيّنون لنا أيضاً، كما أنه حتى لو كانوا لنا أو لم يكونوا، لن نطلب منهم شيئاً خارج القانون”.
كلام جعجع جاء خلال عشاء أقامته منسقية جزين في المقر العالم للحزب، في معراب، في حضور: ممثل المطران مارون العمار المونسينيور الياس الاسمر، عدد من رؤساء بلديات المنطقة، عدد من المخاتير وهيئة رابطة المخاتير، عدد من الكهنة، المرشحين السابقين للنيابة في انتخابات 2018: جوزف نهرا، صلاح جبران، كميل سرحال، ريمون نمور، مدير مستشفى جزين د. شربل مسعد، رجل الاعمال شارل حنا، رؤساء جمعيات واندية ونقابيين، منسق “القوات اللبنانيّة” في المنطقة جورج عيد وعدد من اعضاء مجلس مركزي ورؤساء المراكز في حزب “القوات”.
وكان قد استهل جعجع بتوجيه التحيّة لأهالي جزين والمطران مارون العمار، متوقفاً لاستذكار شخصيتين كبيرتين من جزين وهما مثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار بولس بطرس المعوشي والنائب والوزير السابق جان عزيز رحمهما الله، معتبراً أن هاذا الإثنان يعبران خير تعبير عن ماهيّة منطقة جزين.
وأوضح أن “كل ما يطمح له حزب القوات نحاول تجسيده، والدليل تصرفات وزرائنا ونوابنا. نتحدث بجرأة لأننا شفافون ولم نخطئ خلافاً للبعض الذي لا يكمل في الملفات المفتوحة حتى النهاية كي لا يفضح بعضهم البعض. أما نحن القوات نجد أنفسنا بتواصل تام مع المقاومة اللبنانية التي أصبحت لكل لبنان وهي مقاومة حقيقية هدفها قيام الدولة اللبنانية، الدولة التي نطمح لها، لا دولة لا يمكنها تأمين الكهرباء، ولا يمكنها تحمُّل اقتصادها وماليتها”.
ودعا جعجع “الجميع للعمل سوياً والتصويت للقوات لأنه في نهاية المطاف مشروع القوات هو مشروع الجميع”، متمنياً على الجميع تقييم السياسي من خلال أعماله على الأرض لا كلامه، إذ لا يكفي القول إننا ضد التوريث السياسي والفساد، بل كيف يتم تنفيذهما، وفي النهاية حكّموا ضمائركم وأنا مع الخيار الذي تجدونه الأفض”.
ورأى جعجع أننا “نمر بوضع صعب لكن غير ميؤس منه، إلا أنه إذا بقي على ما هو عليه الآن، او تمت معالجته بالطريقة المتبعة حالياً، سيصبح حتماً أكثر يأساً، فهذا الوضع يحتاج إلى رجال دولة”.
وأضاف جعجع، “منذ ستة أشهر لغاية الآن، دق كثيرون جرس الانذار، هل شهدتم على تصرف فوق العادة؟ على العكس يتصرفون وكأن لا شيء يحدث في البلد. البعض يبحث عن تفسيرات دستورية، وآخرون يتحدثون عن الصلاحيات، وهناك من يريد تحويل ملف قبرشمون على المجلس العدلي، والمريض على الأرض. تحدث كل هذه الصراعات في الوقت الذي يحتاج فيه البلد إلى عناية في كل لحظة”.
وأشار إلى أنه “منذ شهر ونصف الشهر لم تجتمع الحكومة في الوقت الذي يجب أن تجتمع فيه كل يوم لاتخاذ الخطوات اللازمة وانقاذ البلد. فيما يستذكر البعض حروب الماضي، وسوق الغرب، ويتقاتل مع الحزب التقدمي الاشتراكي ثم يتجه نحو القوات ويذكّر بحاجز البربارة”.
وسأل جعجع، ألا يرى المسؤولون الكبار ما يحصل؟ مؤكداً أن “كل مسؤول يرده تقريراً يومياً عن الواردات والمصاريف الحالية، والمؤشرات الاقتصادية التي تنخفض يوماً بعد آخر، في الوقت الذي يعمل فيه البعض على فتح أوراق الماضي وحادثة قبرشمون.
ووضع جعجع خارطة طريق قابلة للتنفيذ، “النقطة الأولى، يجب وضع كل المواضيع الخلافية جانباً، لأن المريض على الأرض، ويجب انقاذه، ولا يمكنه انقاذ نفسه، بل يحتاج إلى مساعدة، إذ لا يمكن التلهي بأمور في الوقت الذي يحتاج فيه هذا المريض إلى المساعدة. وفي ما يخص المطالبة بتفسير الدستور، يمكن تأجيل تفسير المادة ستة أشهر لكن الوضع المالي والاقتصادي لا يحتمل التأجيل، ويحتاج إلى معالجة سريعة”.
وتطرق جعجع إلى قضية قبرشمون سائلاً، “ألم يعد هناك عدالة في لبنان إلا عبر المجلس العدلي؟ ألا يوجد خيار آخر؟”. وأوضح جعجع أن سبب رفضه للمجلس العدلي يعود إلى أن المحقق العدلي محقق استثنائي يملك صلاحيات كثيرة، ويتم تعيينه من قبل وزير العدل. وهناك سوابق على هذا الأمر، تبدأ بقضية محطة الـ”lbc”، ولا تنتهي بقضايا أخرى”.
ولفت جعجع إلى أن “القضية أصبحت في المحكمة العسكرية، وكل المؤشرات تدل على أن هناك أموراً مشبوهة تحصل، إذ كان يتوجب وضع القضية بيد القاضي المعاون الأعلى رتبة وهو القاضي فادي عقيقي، لكن لم يحصل ذلك. ثم أُخذت من القاضي فادي صوان وهو الرجل الحيادي، ووضعت بيد القاضي مارسيل باسيل، ألا تثير هذه الخطوات شكوكاً؟ التحقيق الأولي بدأ في شعبة المعلومات، والأجهزة الأمنية وافقت على التحقيقات، واليوم يعملون على تغيير التوصيف في الجريمة. لا يجوز اللعب بالقضاء والعدالة، وهذا الأمر مرفوض”.
وأضاف جعجع، “كل ما نطلبه اليوم ابعاد القضية عن مجلس الوزراء، ودعوا الحكومة تعمل على الأوضاع الاقتصادية والمالية، سائلاً، “أيهما من بين الجريمتين الأكثر إرهاباً، حادثة قبرشمون أم ما فعله ميشال سماحة في نقل المتفجرات وقتل الناس؟ وهي الجريمة التي كان يتوجب تحويلها إلى المجلس العدلي ولم يحصل ذلك”.
وتابع جعجع، “ما يحصل هو استنساب سياسي لا تطبيق قانون، الأحزاب السياسية والسلطات والفئات السياسية تستنسب قضية معيّنة وتقرر تحويلها من عدمه، باستثناء قضايا الإرهاب والتي تنطبق عليها قضيتا سماحة وأحمد الأسير، والاثنين لم يتم تحويلهما إلى المجلس العدلي”.
واعتبر أنه “إذا وضعنا هذه الملفات جانباً، وقررنا عقد جلسة مجلس وزراء، لا نريد بعد اليوم خططاً اقتصادية، بل نريد تطبيق بعض الأمور البسيطة”.
وتطرق جعجع إلى النقطة الثانية وهي المعابر غير الشرعية، قائلاً، “يحاول وزير الدفاع الياس بو صعب وضع الجيش في الواجهة، لكن هذا الأمر غير صحيح، الجيش لا يتحمل أية مسؤولية في هذه القصة، بل المسألة تحتاج إلى قرار سياسي مكتوب ويُعلن بشكل رسمي يطلب من الجيش إقفال كل المعابر غير الشرعية، والجيش سينفذ المهمة، وفي اليوم الثاني ستجدون أنها أقفلت جميعها. لكن للأسف وزير الدفاع يأخد الأمور باتجاه مغاير ويتحدث عن كيفية انتقاد الجيش لعدم اقفاله المعابر غير الشرعية، نحن لا ننتقد الجيش بل نقول أنتم لا تتخذون القرار المناسب”.
وأردف جعجع، “هناك من يتحدث عن وجود قرى مشتركة وتقع جغرافياً بين لبنان وسوريا، لم يطلب أحد منكم انشاء حائط وسط القرية، كما تقولون، بل اقفلوا طريق المعبر عند الحدود اللبنانية. يتم تمييع الموضوع في الوقت الذي بإمكاننا إقفال المعابر وإدخال بين 100 و200 مليون دولار إلى خزينة الدولة، ونحمي بذلك الصناعة المحلية”.
وأوضح جعجع أن “بين المعابر غير الشرعية وتلك الشرعية يضيع على الدولة ما يقارب 800 و900 مليون دولار سنوياً، إذ في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على فرض ضرائب على النرجيلة والزجاج الداكن، بإمكانها تحصيل مليار دولار بتدابير بسيطة عبر هذه المعابر”.
وتحدث جعجع عن النقطة الثالثة، مشيراً إلى أن “لجنة المال والموازنة سمّت 5300 موظف غير قانوني، وهناك مؤسسات عامة لم تتمكن اللجنة من دخولها، ما يعني ارتفاع العدد إلى 7000 موظف تقريباً، وهذا الموظف الذي أدخلوه إلى وظائف الدولة من أجل صوته الانتخابي لا يمكننا دفع راتبه، وهنا نتحدث عن 50 و60 مليون دولار سنوياً”.
وفي النقطة الرابعة، سأل جعجع، “هل يوجد مؤسسة أكثر فشلاً من مؤسسة كهرباء لبنان؟ كلفة الخسارة في الكهرباء سنوياً ملياري دولار، وهناك مجلس إدارة منتهية ولايته، ولا يريدون تعيين مجلس إدارة جديد، كيف يمكن الخروج من الأزمة، والمسؤولون يتصرفون على هذا النحو؟”
وأشار جعجع إلى أن البعض يتهم الوكالات الدولية ببث الشائعات عبر التصنيف السلبي، في الوقت الذي لا تجتمع فيه الحكومة، والسجالات السياسية لا نهاية لها، من دون أية جدية لكل المواضيع المطروحة حتى تلك التي لا تحتاج لأكثر من شهرين أو ثلاثة. ولو تم البحث في هذه النقاط الأربعة منذ بدء دراسة الموازنة لما وصلنا إلى ما نحن عليه”.
واعتبر جعجع أن “بلدنا يحتاج إلى انقاذ سريع ولا أرى تصرفات المسؤولين توحي بأية عملية انقاذ، يجب علينا الضغط والطرح بشكل دائم حتى نحقق المطلوب، ماذا وإلا فإننا متجهون نحو الأيام الأصعب. لبنان مرّ بأيام صعبة سابقاً، ولا يجب أن يبقى فيها، لكن يجب أن نتحملها لأن لبنان بلدنا ولا يمكننا تركه أو التخلي عنه، يجب أن نناضل من أجل خلاصه بالطريقة المناسبة”.
من جهته، ألقى منسق “القوّات” في منطقة جزين جورج عيد كلمة، قال فيها: “نحن اليوم في حضرة المقاومة والعزة والكرامة، نحن اليوم في حضرة صانع المصالحات الكبرى التي حفظت لبنان ومؤسساته. نحن في حضرة من وقف كالرمج مترفعاً عن كل المناصب وقال لهم لا أقبل بالمس بموقع رئاسة الجمهورية، وكانت كلمته فكان ملء الفراغ وكان الحفاظ على الجمهورية، نحن في حضرة الدكتور سمير جعجع الذي خص منطقة جزين بهذه الاستضافة واللفتة الكريمة، شكرا لك”.
وأشار عيد إلى أن “القوات اللبنانية” في منطقة جزين، تاريخ من النضال والصمود، ووجود يمتد في بلدات القضاء كافة. كانت القوات حاضرة للدفاع عن جزين والوجود المسيحي في هذه البقعة الجنوبية الخاصة حيث واستشهد لنا خيرة المقاومين ولكن للأسف اتهمت “القوات اللبنانية” زوراً بتهجير منطقة ساحل جزين والقرى المسيحية في الزهراني في الوقت الذي يعرف القاصي والداني أنها وحدها التي عن المنطقة واهلها حتى اخر لحظة إلى حين أن تم الاتفاق على انسحابها مقابل انتشار الجيش اللبنانيّ ولكن في ذاك الزمان كان ما كان”.
ولفت عيد إلى أنه “في زمن السلم قاوم شباب القوات النظام الامني، وسجن واعتقل المئات من الرفاق في سجون الظلم، هجّروا من بيوتهم واجبروا على توقيع مستندات قمع العمل السياسي. في زمن السلم روت منطقة جزين من جديد تراب الوطن باستشهاد رفيقنا بيار بولس، وفي العام 2005 ومع خروج الحكيم من المعتقل استمرت القوات بالنضال والعمل السياسي بجميع القرى ترشيحا واقتراعا وحضوراً، واليوم القوات اللبنانية في منطقة جزين، عنصر تلاقي وانفتاح وحضور ايجابي، وعملها التنظيمي على المستويات كافة لم يمنعها من التقارب من الفاعليات والشخصيات والمكونات السياسية والحزبية كافة بغية شبك الايادي وتقديم الافضل للمنطقة من خلال الوقوف إلى جانب اهلنا ومساعدة البلديات والمخاتير والجمعيات والاوقاف بالحد الممكن بما يخدم ابناءنا من أجل التثبت والاستمرار”.
وتوجّه إلى جعجع بالقول: “حكيم… لم نطلب منك شيء في هذا الخصوص الا ولبيتنا، شعورا منك بهذه الحاجات ولسعيك الدائم من أجل تحقيق الهدف الاسمى بتثبيت المنطقة وهويتها والانسان فيها في عيشه الحر والكريم، وكما أنه حريض دائماً على كل لبنان وبناء الدول ومؤسساتها، وقد قدّمت في هذا الإطار نموذجاً في العمل المؤسساتي الهادف والمدروس من خلال المواقع الوزاريّة والنيابيّة لحزب “القوّات”، نحن ندرك تماماً أنك بهذا القدر حريص على منطقتنا ومتابع لكل حاجاتها ومشاكلها وساعٍ للوقوف إلى جانبها من اجل أن نتساعد على مستوى انتظام العمل المؤسساتي والاداري والبلدي والمعيشي والوجودي فيها بشكل عام”.
وتابع: “في خلفية المقاومة والحفاظ على الوجود نسعى بالتعاون مع الجميع على تثبيت الارض والهوية ولعب دور التلاقي مع كافة المحيط وطوائفه في ظل ظروف صعبة وضاغطة، ويأتي عملنا من أجل خلق ايجابية دافعة في هذا الاطار لتكون المنطقة في دائرة الامان لذا سنستمر في ما بدأته “القوّات” منذ زمن بعيد وسنسعى من خلال دمج الطاقات والقدرات الموجودة في المنطقة، وعدد كبير منها حاضر معنا اليوم، للعمل على الحفاظ على وجودنا وازدهار منطقتنا من خلال تأمين فرص للاستثمارات وفرص عمل وتشجيع شبابنا على خطوات من شأنها انعاش المنطقة وتأمين ما يمكن لتحقيق الوجود الدائم والبنّاء”.
وشدد عيد على أننا مستمرون في عملنا السياسي والإنتخابي من أجل أن نصل إلى حين تساهم فيه المنطقة في إيصال صوتها “القوّاتي” إلى البرلمان ونأتي إلى معراب في العام 2022 من اجل شرب نخب الفوز”.
كما توجّه عيد إلى أهالي منطقة جزين بالقول: “إن “القوّات اللبنانيّة” كانت وستبقى إلى جانبكم، وهي التي دافعت في أيام الحرب ستشارك معكم في البناء في أيام السلم، كونوا على ثقة أنه بالفكر “القوّاتي” المقاوم وبالعمل “القوّاتي” المنظّم، وبالصلابة والإيمان التي عندنا كما بالتعاون مع الجميع باستطاعتنا أن ننقل المنطقة من مكان إلى مكان أفضل بكثير وأأمن بكثير”.
وختم عيد: “إن “القوّات اللبنانيّة” في منطقة جزين هي قصّة شعب رفض الإستسلام لنبقى ونستمر من كفرجرة إلى الجرمق شعلة حريّة مضيئة في هذا الجنوب ومحيطه المتنوع وفي هذا الإصرار والوضوح في الرؤية وتكاتف الأيادي لا خوف على المنطقة ونحن لطالما كنا ولا نزال نعتبر أنكم أنتم والمنطقة الأرزة ونحن خطها الأحمر”.
وفي الختام، قدّمت هيئة رابطة مخاتير جزيرن لكل من جعجع وعقيلته هديتين تذكاريتين وألقى المختار نقولا عيد ممثلاً رئيس رابططة المخاتير كلمة شكر فيها رئيس “القوّات” على مواقفه الوطنيّة وقيادته الحكيمة.