أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “هذه المرّة الأولى التي يكون لـ”القوّات” هذا الكمّ من الشرعيّة فهي صحيح وصلت لأن يكون لها رئيس جمهوريّة في لحظة إقليميّة استثنائيّة عام 1982 مع الرئيس الشهيد بشير الجميل، إلا أن الواقع اليوم مختلف تماماً حيث أنها تحظى بكل هذه الشرعيّة في وضع طبيعي جداً وبوكالة شعبيّة واضحة باعتبار أننا خضنا الإنتخابات منفردين”، مشيراً إلى انه “علينا العمل تنظيمياً على مواكبة هذا الحجم والماكينة الحزبيّة تعمل على هذا الأساس منذ انتهاء الإنتخابات النيابيّة حيث أن الامينة العامة د. شانتال سركيس والأمناء المساعدون يعملون على تطوير الحجم التنظيمي للحزب من أجل مواكبة الحجم السياسي الذي لدينا اليوم حيث سيشهد الحزب مجموعة من التبديلات والخطوات من اجل تحقيق ذلك”.
جعجع، وفي حديث لمجلة “المسيرة”، اعتبر أن الحملة على وزراء “القوّات” التي نشهدها اليوم “جزء من لعبة “الكباش” السياسي وما أدى إليها هو أن الناس جميعاً، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، يتكلمون منذ سنة ونصف عن أداء وزرائنا وتتم مقارنتهم بالفريق الآخر”، لافتاً إلى أن “البعض لم ولن يروق له هذا الأمر لذلك يحاولون القيام بأي أمر من أجل تحطيم صورة وزراء “القوّات” لدى الناس ولكنهم لن ينجحوا في هذا الأمر، فالحملة التي نشهدها ليست عبارة عن مجرّد رأي من هنا أو هناك وإنما هناك ماكينة تضخ كل هذه الأجواء بشكل منهجي عبر تقارير ومعلومات مغلوطة يتم توزيعها”.
ولفت إلى أنه “إذا أسقط “حزب الله” من حساباته البعد الإستراتيجي أي علاقته بإيران ومسألة الإستئثار بقرار السلم والحرب عندها لا مشكلة له مع “القوّات اللبنانيّة” باعتبار أنه يلتقي معها في النقاط المتبقيّة أي في طريقة إدارة الدولة، وفي هذا الإطار يمكن أن نأخذ على سبيل المثال تجربتنا الوزاريّة السابقة حيث يأتي وزراؤه إلى جلسة مجلس الوزراء محضرين كوزرائنا وفي أغلبيّة المواضيع يكون لنا نفس الموقف”.
وتابع: “نحن لدينا موقف مبدئي من الحزب على المستوى الإستراتيجي باعتبار انه لا يمكن قيام أي دولة لبنانيّة فعليّة إذا لم يكن قرارها الإستراتيجي داخل مؤسساتها. هذا الأمر بالنسبة لنا بديهي وغير قابل للجدل. نظرتنا بالنسبة لـ”حزب الله” لا تزال هي هي في ما يتعلّق بالبعد الإستراتيجي إلا أنه بالنسبة للبعد المحلي فنحن حين نلتقي معهم في بعض النقاط نلتقي ولا مانع لدينا فنحن لسنا بإلغائيين أو متعصبين على غير هدى فليس هناك من مانع في الإلتقاء معهم عند بعض النقاط والقضايا. في الفترة الأخيرة “حزب الله” خفف من خطابه الإستراتيجي وأكثر من الخطاب المحلي الذي ينسجم في أماكن كثيرة مع خطابنا”.
ورداً على سؤال عما إذا كان من الممكن أن يطغى الإلتقاء المرحلي على الخلاف الإستراتيجي؟، قال جعجع: “لا، إلا في حال أخذت التطورات في المنطقة مداها الأقصى واضطر حينها “حزب الله” للتحول إلى حزب سياسي داخلي فعندها عندما يتحوّل إلى حزب سياسي شأنه شأن أي حزب سياسي آخر عندها من الممكن أن يكونوا من أكثر الأحزاب التي من الممكن أن نلتقي معها”.
أما عن سبب التقرّب الذي يقوم به “حزب الله” إزاء “القوّات اللبنانيّة”، فقد شدد جعجع على أنه يستطع حتى الساعة فهم وبشكل كامل سبب هذا التقرّب، وقال: “إن أكثر من يقوم لنا بالدعاية في المرحلة الأخيرة هو الحزب أو أفراد مقربون منه. ما السبب لذلك تحديداً؟ هل هو التحول الإستراتيجي على مستوى المنطقة الكبير جداً وهل يا ترى بدأوا بالقيام ببعض الحسابات؟ أما أنهم ضاقوا ذرعاً من التعاطي مع جبران باسيل وكأنهم أيقنوا أنهم يتعاطون مع شخص لا يمكن الإتكال عليه. ومن ثم رأوا القوّة التي تتمتع بها “القوّات اللبنانيّة” وأيقنوا أنه في نهاية المطاف ستكون “القوّات” أكبر ممثل للمسيحيين، وبالتالي يحضّرون أنفسهم لهذه المرحلة. وأعتقد ان كل هذه العوامل مجتمعة هي السبب في الأداء الذي نراه اليوم من قبل “حزب الله”.
من جهة أخرى، يرى جعجع أن “تفاهم معراب” يعيش على أوكسيجين الرغبة الشعبيّة الجامحة في إبقائه حياً، معتبراً أن الفصل بين المصالحة والإتفاق السياسي المقصود منه هو أنه كان هناك مناخ سائد في البيئة المسيحيّة بشكل عام وما بين “القوّات اللبنانيّة” و”التيار الوطني الحر” بشكل خاص وقد انتهى هذا المناخ إلى غير رجعة، فيما الخلافات اليوم أصبحت سياسية كمسألة بواخر الكهرباء أو من سيأخذ ماذا في الحكومة وهذه الخلافات تبقى في سياقها السياسيّ لا أكثر وإن بقيت هذه الخلافات ضمن حدود معيّنة فلا لن تطيح بالإتفاق باعتبار أن الأهم هو أن يبقى المناخ العام سائداً فنحن يمكن أن نختلف على الوجود في الحكومة وهذه ليست مسألة عابرة إلا أن هذا الخلاف يجب ألا يطيح بكل هذا المناخ السائد”.
ورداً على سؤال عما إذا كان اللقاء مع الوزير جبران باسيل لا يزال قائماً، قال جعجع: “في الأساس لم يكن هناك من لقاء مبرمج ولكن بكافة الأحوال ابواب معراب مفتوحة دائماً وللجميع. أنا أرى “تفاهم معراب” كأي مسألة أخرى وهو لديه حد أقصى وحد أدنى. الحد الأقصى ان يكون العهد أفضل عهد شهده لبنان وهذا أقصى تمنياتي حتى اليوم وبالتالي نعمل جميعاً ونتعاون بالشكل الذي يجب أن يتم فيه العمل وليس أن تكون المسألة مجرّد مناكفة يوميّة وسباق مسعور إلى المراكز باعتبار أننا ليس لدينا متطلبات كبيرة من أجل إرضائنا، إلا أن الحد الأدنى هو ما نعيش اليوم عبر تحقيق المصالحة وحلحلة عقدة إنتخابات الرئاسة والوصول إلى عهد جديد ومن هناك “الشاطر بشطارتو” وأكبر دليل على ذلك نتائج الإنتخابات النيابيّة فإذا لم يحقق هذا التفاهم سوى المناخ الجديد السائد في المجتمع وقانون الإنتخابات الجديد ونتائج الإنتخابات التي رفع التمثيل إلى قرابة الـ56 نائباً من دون أي تعاون بيننا وبين “التيار الوطني الحر” الذي لو حصل لكان رفع هذا العدد إلى قرابة الـ58 نائباً، فهذا فقط بحد ذاته ليس مسألة يستهان بها”.
ورداً على ما يقال عن أن “تفاهم معراب” اتفاق بين “التيار الوطني الحر” و”القوّات اللبنانيّة” على تقاسم المقاعد المسيحيّة وإعطاء الآخرين ما يرتأونه، في حين أن التمثيل النيابي في مجلس النواب في حينه لم يكن محصوراً بالحزبين، قال جعجع: “أولاً، التمثيل النيابي في مجلس النواب في حينه كان على الشكل الذي كان عليه انطلاقاً من بعض الإعتبارات في القانون الإنتخابي السابق وأكبر دليل على ذلك هو أننا عندما خضنا الإنتخابات تبعاً للقانون الجديد تحوّل التمثيل إلى ما نراه اليوم وهذا يعني أن ميزان القوى الحقيقي هو ما نراه اليوم فنحن ليس علينا الأخذ بميزان القوى السابق المُعْتَوِر باعتبار ان قانون الإنتخابات كان معتوراً. من ناحية أخرى، “تفاهم معراب” هو تفاهم سياسي وليس قانوناً فنحن لا نمنع أي فريق من الحصول على أي مركز يريد وإنما هناك حزبان أنجزا تفاهماً سياسياً في ما بينهما. نص يقول إن حصة الرئيس هي 3 وزراء ولكن هذا لا يعني أنه سيقوم بتوزير عائلته وإنما سيقوم بتوزير أشخاص من هذا المجتمع كما أن كلاً من “القوّات اللبنانيّة” و”التيار الوطني الحر” يتصرفان بـ6 مقاعد وهذا لا يعني ان نأتي بكل الوزراء من الحزبين وإنما المقصود هو أن نتصرّف نحن بالمقاعد مع حلفائنا و”التيار” كذلك الأمر. وبالتالي هذا الإتفاق سياسي لكيفيّة الوجود في السلطة من بعد التفاهم الذي تم ولكن بعد صدور نتائج الإنتخابات النيابيّة الأخيرة تبيّن لنا ان “القوّات اللبنانيّة” و”التيار الوطني الحر” بالصوت الشعبي وبالتمثيل النيابي يمثلان أكثر من 80 في المئة من المسيحيين في لبنان. فهل ميزان القوى هذا أتى فجأة من بعد الإنتخابات أو كان موجوداً؟ هذا الميزان لطالما كان موجوداً إلا أنه لم يكن مترجماً في التمثيل النيابي انطلاقاً من اعتوار في قانون الإنتخاب. هناك العديد من الناس في لبنان يعتقدون أن لديهم حقوقاً مكتسبة إلا أن هذا الأمر غير صحيح فقط الأكثريّة لديها حقوق مكتسبة فيما الباقون عليهم أن يجيدوا العمل في السياسة من أجل أن يحصلوا مع الأكثريّة على حقوق مكتسبة. إما أن نقبل بمنطق الديمقراطيّة أو لا. الكلام عن منطق الإستئثار غير صحيح. من قال أنه في تأليف الحكومات يجب تمثيل الجميع؟ التأليف يتم على أسس سياسيّة. لا يمكن أن نطالب بالشيء وعكسه ونحن إن تم إعطاؤنا التصرّف بـ6 وزراء في الحكومة فبطبيعة الحال سنوزّر 4 من “القوّات” ونعطي المقعدين المتبقيين للحلفاء. نحن متمسكون بـ”تفاهم معراب” والإتفاقات السياسيّة لا تسقط إلا بخروج الطرفين منها”.
أما عن ملفي الكهرباء والنفايات، فقد أكّد جعجع أن “القوّات” لديها تصورات لحل هذان الملفان “ولكن ما نحتاجه هو من يطبق هذه التصورات التي هي سبب الخلاف الكبير مع الوزير جبران باسيل. وهنا يجب أن ندرك أنه لا يكفي أن يكون لديك تصوّر ما من أجل حل المسألة وإنما يجب أن ترى أيضاً موقف باقي الفرقاء في الحكومة فعلى سبيل المثال تقدّمت شركة “جينيرال إلكتريك” خلال مؤتمر “سيدر” بعرض رسمي قوامه أنها مستعدّة خلال فترة 10 إلى 14 شهر لبناء معامل كهرباء على نفقتها الخاصة يمكنها سد عجز الـ1000 ميغاوات التي نحن بحاجة لها بمقابل أن توقع الدولة اللبنانيّة عقداً معها من أجل شراء هذه الكميّة من الكهرباء بكلفة أقل من كلفة الإنتاج لدينا في معاملنا الحاليّة في الجيّة والزوق وغيرها إلا أنهم لا يريدون الأخذ بهذا العرض”.
ورداً على سؤال عن رأيه في ترأس “القوّات اللبنانيّة” لجنة “الإدارة والعدل”، قال جعجع: “هذه ليست المرة الأولى التي نترأس فيها لجاناً فقد كان النائب شانت جنجنيان يترأس لجنة المهجرين سابقاً إلا أن هذه المرّة فقد أخذنا لجنة “الإدارة والعدل” مع النائب جورج عدوان التي هي من أهم اللجان ولجنة المهجرين مع النائب جان تالوزيان وهذا ما يدل على ان الحجم الشرعي لـ”القوّات اللبنانيّة” لم يعد بقليل ولا يستهان به”.
وعن توزير النساء في الحكومة من ضمن حصّة “القوّات”، قال جعجع: “مسألة مقاربة تمثيل المرأة من ناحية التقسيم ما بين الرجل والمرأة خطأ. وأنا برأيي أنه على المرأة أن تقدم على الإنخراط في العمل السياسي لأخذ مكانها والأهم ألا يكون هناك من موانع قانونيّة في وجهها وهذا الأمر غير موجود في لبنان. وفي هذا الإطار على سبيل المثال هناك تجربة قامت بها النائب ستريدا جعجع في الانتخابات البلديّة السابقة في قضاء بشري حيث سعت بكل قوّتها من أجل الإتيان بنساء إلى المجالس البلديّة بنسبة 30 في المئة من الأعضاء وهناك لدينا الأكثريّة وفوزهن مضمون إلا أنها لم تستطع ذلك واقتصر تمثيل المرأة على قرابة الـ15 في المئة أو 20 في المئة لأنها عجزت عن إيجاد هذا الكم من النساء اللواتي يردن الإنخراط في العمل في الشأن العام. وفي هذا الإطار أنا أعتبر أن أي إمرأة تتقدم للعمل في الشأن العام لو كان لديها نصف مقومات الرجل فهي من سيتم اختيارها لأن الناس لديها ميل طبيعي نحو المرأة أكثر من الرجل ولكن على المرأة التقدم في بادئ الأمر لأنني أنا شخصياً ضد أن تكون هذه المسألة بشكل إصطناعي عبر “Quota”.
وتطرّق جعجع إلى الوضع الإقتصادي، مشراً إلى أنه “صعب ولكنه ليس على شفير الإنهيار إلا إذا استمررنا بهذا الشكل لعدّة أشهر فمن الطبيعي أن يصبح الوضع على شفير الإنهيار. من جهة أخرى، تأليف الحكومة بحد ذاته لا يكفي من أجل إنقاذ الوضع الإقتصادي وإنما على هذه الحكومة أن تتصرّف بشكل مختلف عمّا كانت تتصرّف الحكومات السابقة وأنا رأيت أن الرئيس المكلف سعد الحريري مدرك تماماً لهذه النقطة ويحضّر على هذا الأساس ولكن المعضلة هي في أن يتوقفوا عن عرقلته في تأليف الحكومة”.
ورداً على سؤال في مناسبة ذكرى 26 تموز وخروجه من المعقتل عما إذا كان السجن الكبير لا يزال ساقطاً أم هناك من يحاول إعادة تشييده، قال جعجع: “السجن الكبير لا يزال ساقطاً وأنا قلت “خرجتم من السجن الكبير” أي أن زمنه قد انتهى ولكن لا يكفي أن تخرج من هذا السجن الكبير وإنما عليك أن تبدأ الحياة وهذا ما لم تُوصِلنا إليه بعد الحكومات المتعاقبة. نحن خارج السجن الكبير إلا أننا لم ندخل الحياة بالشكل المطلوب باعتبار أنه لا يمكننا ذلك في ظل المشاكل التي يتخبط بها البلد. كيف لنا أن نقول إننا دخلنا إلى الحياة كما يجب ونحن لا نزال بحاجة لأن نمضي قرابة ساعتين ونصف في زحمة السير للخروج من العاصمة كما لا نزال نعاني من مشاكل في المياه ونعاني من تقنين في التيار الكهربائي ووضعنا الإقتصادي والمعيشي على ما نراه اليوم في ظل التدني في فرص العمل. لا يمكن أن نقول إننا دخلنا الحياة كما يجب ولا تزال مسألة تأليف الحكومة تتطلب كل هذا الوقت كما طريقة إدارة الدولة باقية على الشكل الذي نراه”.
وتابع: ” الأكثرية الساحقة من اللبنانيين ليس لديهم حنيناً للعودة إلى عهد الوصاية إلا أن بعض من كانوا يستفيدون من عهد الوصاية، وهم قلّة تعد على أصابع اليدين، يحنون إلى العودة إلى هذا العهد باعتبار أنهم لولا عهد الوصاية لما كانوا أصحاب شأن اليوم”، مشدداً على ان “14 آذار” كمشروع وفكر لا تزال أكثريّة في الشارع اللبناني”.
واستطرد: ” جمهور “14 آذار” هو من لا يزال باقيًا حتى الآن بمعنى الناس الذين يؤمنون بهذا المشروع والتوجه إلا أن تركيبة “14 آذار” هي التي لم تعد موجودة اليوم. هناك أعمدة رئيسيّة في “14 آذار” لا تزال موجودة ويتم التنسيق في ما بينها وقوامها “القوّات اللبنانيّة” و”تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الإشتراكي”، ومعتبراً أن “العام المنصرم كان من أكثر السنوات عجفاً على “14 آذار” إلا أن هذا لا يعني أن هذا المشروع اضمحل فصحيح أنها مرّت في صعوبات جمّة في حمأة الإنتخابات الرئاسيّة إلا أنها اليوم ومن بعد الإنتخابات النيابيّة تعود في مكان ما لاتخاذ شكل ما، فالجميع يتكلمون عن “14 آذار” ولكن بنسب متفاوتة وعلى سبيل المثال عندما خرج البعض ليقول لنا إنه يجب تطبيع العلاقة مع النظام السوري وإعادتها إلى سابق عهدها قام النائب وليد جنبلاط والنائب معين المرعبي وغيرهما بالتصدي لهذا الأمر. أنا أعتقد أن بذور “14 آذار” لا تزال موجودة في كل مكان إلا أن الموعد الذي ستفرخ فيه رهن بالظروف”.
اما بالنسبة للتطورات السوري، فقد جدد جعجع التأكيد أن نظام بشار الأسد غير قابل للحياة، مشيراً إلى ان “إسرائيل أكثر طرف يتكلم في الوقت الراهن عن تعويم بشار الأسد. أعتقد أن لا إمكانيّة للقيام بهذا الأمر فالتعاطي مع النظام اليوم كأمر واقع هو أمر ولكن تعويمه شرعياً وشعبياً هو أمر آخر مختلف تماماً وبالفعل فبسبب عدم ظهور أي بدائل يتم التعاطي مع هذا النظام كأمر واقع بانتظار ظهور هذه البدائل”.
ورداً على سؤال عن أن البدائل تطرح على شاكلة إقرار دستور جديد لسوريا حيث يبقى بشار الأسد رئيساً في مرحلة إنتقاليّة إلى حين الوصول إلى الإنتقال إلى المرحلة الثانيّة، قال جعجع: “هذه جميعها طروحات إلا أنه إذا ما نظرنا إلى القضيّة بطريقة عمليّة فنجد أن نظام بشار الأسد غير قابل للتعويم من جديد وهو يستمر اليوم بحكم الأمر الواقع بفضل وجود إيران وروسيا على الأراضي السوريّة بانتظار معادلات أخرى فقط لا غير. فهو لا يتمتع بأي نقطة ارتكاز خاصة به فإن خرجت اليوم روسيا أو إيران من سوريا سيسقط هذا النظام فوراً بالرغم من كل الذي نراه اليوم”.
اما عن مسألة إمكان صمود لبنان الرسمي أمام الضغوط والبقاء على الحياد من دون تطبيع العلاقات مع نظام بشار، فقد أكّد جعجع أن هذا الامر حتمي، مشيراً إلى أنه “دائماً يتم البحث عن الذرائع في هذه المسألة إلا أن هذا الأمر لا يعني أن هذه الذرائع سيتم الأخذ بها. ففي ما يتعلّق بموضوع النازحين السوريين فمن المؤكد أن الجهة الأكثر رفضاً لعودتهم هو النظام في سوريا وما حدث مؤخراً دليل على ذلك. تم الإعلان عن أنه كان هناك قرابة 3600 أو 3800 نازح يريدون العودة، وأرسلت لوائح بأسماء هؤلاء إلى النظام فأتت الموافقة فقط على 280 نازحًا ومن بعدها 50 نازحًا ومن ثم 70 نازحًا فإذا أخذنا مسألة العودة على هذا المنحى فعدد الولادات الجديدة للنازحين في لبنان هو أكثر بكثير من الذين يعودون. النظام يأخذ اللوائح ويوافق فقط على مؤيديه من ضمنها وهؤلاء بأقصى الحالات يعدون 5 أو 10 في المئة من النارحين الموجودين في لبنان. هذا النظام لا يريد هذا الشعب. مصير النظام هو الرحيل. هناك قرابة 10 إلى 12 مليون سوري نازح ما بين الداخل والخارج وهؤلاء حكماً أقوى من هذا النظام”.
وعن موضوع النازحين السوريين في لبنان، فقد أوضح جعجع أن أياً من الدول لم تطرح بقاءهم في لبنان، معتبراً ما يحكى في هذا الإطار مجرّد “مزايدات فارغة ولم يطرح أحد أي أمر من هذا القبيل ولكن طبعاً الدول الأجنبيّة لديها رأيها في هذه المسألة وجل ما يهمها في الوقت الحالي هو عدم نزوح هؤلاء النازحين باتجاه أراضيها كما لدى هذه الدول مقاييس نظريّة لا تطبقها على نفسها وإنما علينا فقط ولكن هذا لا يعني أن نأخذ بهذه المقاييس أبداً”.
ورداً على سؤال عما إذا كان نظام الأسد بدأ بالسقوط لحظة خروجه من لبنان، قال جعجع: “بدأ هذا النظام بالسقوط في 15 آذار2011 تاريخ بدء الثورة السوريّة ونريد أن نذكر بأن مسؤولين من دول العالم كافة وخصوصاً من الولايات المتحدة وتحديداً الرئيس باراك أوباما كانوا يقولون في حينه أن أمام النظام بضعة أشهر قبل السقوط. إلا ان من أعطى جرعات البقاء لهذا النظام وأحياه من بين الأموات هما “داعش” و”النصرة” باعتبار أنه عندما تخيّر كل الكون بين نظام بشار الأسد أو أي نظام آخر حتماً الخيار سيكون أي نظام آخر، إلا أنه عندما تخيّر العالم أجمع ما بين نظام بشار الأسد و”داعش” فمن الطبيعي أن يكون الخيار بقاء هذا النظام. اليوم بعد القضاء على “داعش” أصبح هناك بحث آخر وبطبيعة الحال سيرحل هذا النظام بعد تفكيكه بعمليّة سياسيّة معيّنة لأنه لا يمكن ترك أرض بأهميّة ومساحة سوريا في الفراغ. نظام بشار الأسد أصيب إصابات قاتلة ولا يمكنه البقاء فمن حمزة الخطيب إلى إبراهيم القاشوش إلى ما يحصل الآن في درعا من غير الممكن إحياؤه يمكن لهذا النظام أن يستمر لفترة من الزمن على الأوكسيجين الإيراني والمصل الروسي”.