أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “طالما الثلاثي غير المرح متحكم برقاب السلطة في لبنان لا أمل بأي إصلاح ولا أمل بأي خطة إنقاذية فعلية”، داعياً الحكومة الى اصلاحات جدية.

وفي حديث خاص لـ “ليبانون ديبايت” قدّم جعجع  قراءة أولية للخطة الاقتصادية في الشكل والمضمون. وبعد إقرارها بالأمس، لم تتغير مواقف رئيس “القوات” جذرياً، فهو يصرُّ على جملة مواقف تنطلق من “بديهيات” سياسية لديه، وهو من باب “تصويب عمل الحكومة” والحرص على نجاحها لما فيه خير البلاد، سجّل ملاحظات على الخطة وعمل الحكومة والعهد، وما ستؤول اليه الامور في المرحلة المقبلة.

بداية استغرب جعجع “كلام رئيس الجمهورية بالأمس حول انجاز تاريخي تحقق من خلال اقرار الخطة”، واعتبر: “بالتدقيق فيها نلاحظ تضمّنها ما ورد في بيانات وزارية سابقة ومقاربات سمعناها من خبراء اقتصاديين، وهي ليست سوى عبارة عن تصوّرات ووعود وتمنيات، ولكن العبرة هي في عمل الحكومة وجديتها في التنفيذ”.

واضاف: “في قراءة اولية لما تضمّنته من أدبيات اقتصادية ومالية في ظل الواقع اللبناني نقول لابأس بها، بالرغم من وجود نقاط عدة وارقام  معلنة تحتاج الى نقاش وتصحيح واعادة بلورة”.

“ولكن بالنظر اليها من زاوية كونها برنامج عمل حكومي تمثل السلطة التنفيذية في البلد فالتقييم يختلف تماما” يقول جعجع، “لان المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة خطوات عملية، وليس مقبولاً ان تكون حكومة استثنائية مهمتها مواجهة الظروف المأسوية وأن تخرج بعد 3 أشهر بمجرد تصوّر عام من دون تدابير تنفيذية سريعة لا ترتقي لطبيعة المرحلة وتحدياتها”.

ورأى جعجع ان “هناك أربع نقاط لا تزال عالقة، وبدلا من هذا التصور كان يجب الذهاب إلى خطوات عملية متتالية وسريعة نقطع من خلالها اشواطاً بالتنفيذ”.

وسأل: “ما الذي كان يمنع مثلا الحكومة منذ شهر او اسابيع مضت من ان تتخذ قراراً  بوقف عقود 5300  موظف غير قانوني؟ ومثل هذه الخطوات تعتبر بديهية ولا تحتاج الى بحث”.

وتابع، “على اعتبار ان الحكومة الحالية اتت على انها حكومة اصلاح واستعادة الثقة والخلاص من الفساد، فكان يتوجب عليها الاخذ في الاعتبار الخطة التي جُهزِّت من قبل والتي وضعتها لجنة المال والموازنة، والسؤال كيف سنصدِّق الحكومة اذا لم تقم بخطوات عملية واكتفت بالأقوال بدلا من الأفعال؟”.

وأضاف، “خطوة اخرى لا يختلف عليها اثنان لاستعادة الثقة بالدولة، وهي ضبط المعابر غير الشرعية والتي لا تحتاج سوى الى قرار من الحكومة، وباستطاعة الجيش عندذاك تنفيذه خلال 24 ساعة بشكل مؤكد”.

وبرأي جعجع فإن “الخطوة الثالثة، كما ورد في وزارة المالية، تتمثل في إعادة النظر في المعاملات الجمركية لتحسين وضع الجمارك، والسؤال هنا هل سوء وضع جهاز الجمارك يعود للمعاملات ام مرده إلى الفساد في الجهاز نفسه؟”، معتبراً ان  “ما يحتاجه هذا الجهاز بالفعل هو تغيير على مستوى القيادة”.

وأشار جعجع الى ان “النقطة الرابعة تتعلق بالكهرباء، حيث ان مضمون الخطة فيما خص هذا الملف يشكل تكرارا واستمرارا للحكومات السابقة، أي الاسطوانة نفسها، أضف الى ان الوزير هو من اللون السياسي ذاته  للحكومات السابقة، وبالتالي ما الاستنتاج الجديد؟”.

واعتبر جعجع انه “بهذه البنود الاربعة يصل التوفير الى ملياري دولار في السنة! ومن شأن تنفيذها استعادة الثقة بالدولة داخلياً وخارجياً على وجه الخصوص، لأن المساعدات لن تأتي من الخارج ما لم تقم الحكومة بتنفيذ فعلي للإصلاحات”.

واوضح، “الخطة على المستوى النظري لابأس بها، وهي تطرقت بشكل خجول جداً لموضوع اشراك القطاع الخاص مع القطاع العام في الادارة، ولا يوجد خلاص بغير ذلك، خاصة بعد ان اختبرنا القطاع العام على مدى خمسين سنة ولمسنا النتائج في المؤسسات والادارات العامة”.

ومن جهة اخرى اكد جعجع  ان “الخطة تركّز بشكل كبير على المساعدات الخارجية والصندوق الدولي واصدقاء لبنان في الخارج وعلى تدفق الاموال من هذا الخارج، ولكن لا رجاء من كل ما تقدم ما لم يتم تصحيح الوضع السيادي للبنان بالدرجة الاولى، فصندوق النقد الدولي ليس قائما بنفسه بل تساهم فيه الدول الكبرى من الولايات المتحدة الى دول اوروبية وخليجية، وهي لن تقدم المساعدة ما لم يكن هناك دولة تملك قرار الحرب والسلم، وحتى في حال تنفيذ جميع الشروط الأخرى المطلوبة”.

وأضاف، “إذا كانت هذه الحكومة تعتمد في خطتها على الخارج، فعليها ان تكون دولة مؤهلة لذلك، خاصة وان خلاصنا بجزء كبير منه يكمن بالمساعدات الخارجية، وبالتالي على الحكومة إظهار جديتها في مكافحة الفساد والخروج من الاساليب والاعراف القديمة في ادائها الداخلي، وان تبسط سيادتها وتمسك بقراراتها ومعابرها واراضيها، وعدا ذلك يبقى حبراً على ورق”.

ولفت، “كل هذه الملاحظات التي ابديتها تنطلق من تمنياتي وتمنياتنا كقوات لبنانية بنجاح هذه الحكومة بوجوهها الجديدة التي لا نملك اي مشكلة معها من وجهة النظر السياسية والعقائدية، كما انها ليست من باب التهجم بل بغية وضع النقاط على الحروف خاصة وان وضع البلد لا يحمل المسايرة والتسويف، واذا لم تقم الحكومة باصلاح نفسها من خلال خطوات عملية، فلا أمل بالإنقاذ”.

وفيما يتعلق بمشاركة القوات في الاجتماع الذي سينعقد في بعبدا الاسبوع المقبل لمناقشة الخطة الاقتصادية، اكد جعجع “مشاركة القوات” وقال “برأيي ليس هناك مشكلة دستورية، لان هذا لقاء سياسي ويحصل في كل دول العالم وبإمكان رئيس الجمهورية دعوة رؤساء الاحزاب والكتل السياسية”.

وحول ما ستؤول اليه الامور في ظل هذه الظروف مع عودة الثوار الى الشارع، قال جعجع: “أرى ان الامور، ويا للأسف، ذاهبة الى مزيد من التدهور لانه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لم نر خطوات عملية، وحتى في أزمة وباء كورونا كانت المعالجات في البداية بطيئة، ولولا تدخل العناية الالهية لمساعدة لبنان، وكذلك طبيعة الشعب اللبناني، لكانت الأوضاع ساءت كثيرا، إلا ان الحكومة عادت واستلحقت نفسها، وأتوقع في مجمل المشهد ان تسوء الامور، لان الخطوات التي اتخذت صغيرة ومتفرقة، فيما الوضع كارثي والمطلوب خطوات كبيرة يجب القيام بها سريعا”.

وأضاف: “عندما استلمت الحكومة مهامها كان سعر صرف الدولار 2000 ل.ل. وقد أصبح اليوم 4000ل.ل.، وفي هذا الاطار يجب اتخاذ خطوات عملية كبيرة ومتتالية، الامر الذي لم يحصل بعد”.

وعن الدور الاجتماعي لـ “القوات” اشار جعجع: “تركيزنا المتواصل على تمكين الدولة وتقويتها نابع من رؤيتنا بأن أحدا لا يستطيع ان يأخذ مكان الدولة، لأنه في اللحظة التي تستقيم فيها أوضاع الدولة تستقيم تلقائيا أوضاع الناس، وخلاف ذلك ستبقى المعالجات موضعية وجزئية ومحدودة، وفي موازاة هذا التركيز والضغط استنفرنا كل طاقاتنا الحزبية للوقوف إلى جانب الناس، لأنه من غير المسموح أن يجوع الشعب اللبناني، وبالتالي نحاول من خلال التبرعات والمساعدات ان نكون الى جانب شعبنا في هذه الازمة دون اثارة اي ضجة واضاءة في الاعلام، لأن ما نقوم به نعتبره واجباً انسانياً ووطنياً ملحاً وليس مادة سياسية للاستثمار”.

وتطرق جعجع الى اتفاق معراب، معتبرا انه  “لم يصمد بعد مجيء العماد عون الى سدة الرئاسة على مستوى التفاهم السياسي، ولكن على مستوى الأرض هناك الكثير من الامور باقية ولن يتمكن احد من اعادة الجو النفسي العدائي إلى ما كان عليه، ولست نادما على اتفاق معراب، لأنه بشق أساسي منه هو اتفاق مصالحة، ولكن طرأ عليه الشق الرئاسي في ظل الاوضاع التي كنا نعيشها في ذلك الحين من فراغ رئاسي وغياب الحلول، وكل الترتيبات التي اتخذها الاخرون في تلك المرحلة اقتضت ان نذهب باتجاه خيار العماد عون”.

واردف: “اما وان العهد فشل في مسيرته وبعد شهرين من بدايته وضعنا على قارعة الطريق حتى في مجلس الوزراء فإن صوتنا لم يعد مسموعاً”.

في الختام نفى رئيس “القوات”  اي اتصال مع حزب الله وقال: “للاسف هذا ليس حقيقياً وهناك فروقات من منطلقات عقائدية وسياسية وفكرية واستراتيجية وعملية ونحن نعتبر ان الحزب جزء من الازمة الحالية، وارى ان بعض الاطراف تحاول ذر الرماد بالعيون والتواصل هو على المستوى النيابي والوزاري”.